الآشوريون والكورد بين ارث الماضي
والمستقبل الغامض
يعيش الآشوريون والاكراد في العديد من المواطن عيشا مشتركا، يتقاسمون الخيرات، وتربطهم علاقات تاريخية، تتصف على الأغلب بالرؤية السلبية أحدهم تجاه الآخر، نتاج الحروب والمذابح التي اقترفت بحق الآشوريين على يد الأكراد. وخصوصا على أيام بدرخان بك أمير بوتان، ومحمد كور أمير راوندوز، والمذابح التي اقترفها الخيالة الحميدية والتي تشكلت في اغلبها من العشائر الكردية. فالتمايز القومي الموجود بينهما، زاده التمايز الديني حدة، مما وسع شقة العداء، وسهل لاعداء الشعبين ولبعض القيادات في كلا الشعبين من استغلال ذلك في زرع المزيد من الشقاق بينهم. ولأننا ندرك عمق الخلافات التاريخية والتي حدثت لاسباب معلومة لاغلب المطلعين على تاريخ الشعبين. فان إعادة التاريخ إلى الواجهة ليس غرضنا. ولكن استشفاف السبل الممكنة لاعادة اللحمة بين الشعبين. ووضع خطوط أساسية يمكن من خلالها بناء أساس متين لعلاقة تعاون وتعايش تخدم كلا الشعبين. وتساهم في بناء مستقبل زاهر لهما وللعراق بكل تلاوينه القومية.
إن اي أساس متين لعلاقة سليمة بين الكرد والآشوريين يتطلب الاعتراف المتبادل بينهما على انهما شعبين متمايزيين ويضمهما وطن واحد وتجمعهما مصالح مشتركة. وان اختلافهما في الانتماء القومي والديني يجب أن يكون عامل غني لهما ويساهم في إثراء حياتهما المشتركة. ويجب أن يقبلا بعضهما البعض كما هما وليس كما يريد الآخر. ومن هذا المنطلق يجب على الطرفين الاعتراف المتبادل بالغبن التاريخي الذي أصابهما. جراء عدم تمكنهما من التعاون والتعايش السلمي. وجراء إثارة الخلافات بينهما نتيجة اختلاف انتمائهم الديني. كما يجب إن يعترفا بان تمتع أي منهما بحقوقه المشروعة، وكما أثبته التاريخ، لن يكون على حساب الأخر. فالتجربة البدرخانية وتجربة أمير راوندوز ومذابح 1915 واغتيال مار بنيامين شمعون على يد سمكو الشكاكي وما تلاها. لم تقدم للشعب الكردي أية إضافة لحقوق جديدة، ولكنها زادت في تسميم الأجواء بين الشعبين.
إن إثارة النقطة أعلاه ضرورة لتطلع عليها النخب المثقفة الكردية. فاعتبار بدرخان وأمير راوندوز وسمكو الشكاكي أبطالا في التاريخ الكردي وقادة أرادوا تحقيق حلم الأكراد في التحرر والاستقلال، يثير لدى الآشوريين تساؤلا مشروعا هو:
إذا كان أبطال الأكراد من أمثال هؤلاء، فأي خير يرتجى من التعاون والتعايش؟
كما يجب أن لا ننسى إن المذابح التي اقترفت بحق الآشوريين من قبل هؤلاء. لم تأت بأية نتائج ملموسة للشعب الكردي، سوى إبادة الآلاف من جيرانهم الآشوريين. مما سهل في كل مرة للدولة العثمانية التدخل بحجة ضبط الامن والسلام الأهلي.
إن العيش في التاريخ واستحضاره كعامل لزرع الحقد وإثارة العداوات لن يفيد أي من الشعبين، فما حدث في الماضي البعيد أو القريب، يجب أن يستحضر كتجارب يمكن الاستفادة منها. فخلال كل هذه السنين لم يتمكن أي منهما أن يزيل الآخر من الوجود، والمشاكل العالقة بينهما لاتزال قائمة وتستغل من قبل الآخرين لإدامة الواقع الراهن.
فالمطلوب آشوريا اليوم هو أن يعوا إن الاكراد شعب يستحق أن يعيش وان يتمتع بكل ما يتمتع به أي شعب آخر في الأرض. وان ننظر إلى حقوقه كنظرتنا إلى ما نتمناه لأنفسنا. ونحن بحملنا لأي حقد ضد الأكراد لن نحقق لنا أي شئ، غير التشفي في حالة تعرضهم للمحن، لا سمح الله. وهذا الحقد (والذي اقر بوجوده لدى البعض ) لن يعيد إلينا إمبراطوريتنا القديمة. إن دعوتي هي لتفهم حق الأكراد التمتع بكل حقوقهم أسوة بكل شعوب الأرض. وكما نتمنى لأنفسنا، وهذه الدعوة لا تعني البته مساندة بعض الطروحات الكردية، والتي تقول بمنح الأولية للقضية الكردية، ومن ثم فان الأكراد سيمنحون حقوق الآشوريين. فهذه الدعوة لا تختلف عن ما طالب به العرب من ان الأولية يجب أن تكون لقضية العروبة ( الوحدة وفلسطين) ومن ثم المطالب القومية الأخرى والتي ثبت بالتجربة، كم إن الوحدة العربية، ليس لم تتحقق فقط، وإنما إن دعاة هذه الوحدة ضربوا المسمار الأخير في نعشها. لذ فالآشوريين لن يقبلوا أن يمنحهم الآخرين حقوقهم، إن حقوقهم يستحقونها كما يستحقها العرب والأكراد والتركمان، وليس منة من أحد.
ان دعوتنا هذه لا تبلغ البتة حد تكريد القضية الاشورية (كما تمارسه بعض القوى الاشورية) بحجة او بمجرد تعايش الاشوريين والكرد في شمال العراق. ذلك ان تكريد القضية الاشورية وجعلها مجرد فقرة في الاجندة الكردية هو انتقاص وتجاوز لحقيقة كون القضية الاشورية مفردة وطنية عراقية شانها في ذلك شان القضية الكردية..
لقد قدم الآشوريون الكثير لقضية الأكراد. والمطلوب أن يقدموا الكثير لقضيتهم ولكن بالتفاهم مع الأكراد. والعكس يصح للجزء الثاني من الجملة. بما يعني إن الكرد لم يقدموا أي شئ لقضية الآشوريين. وعليهم أن يتفاهموا مع الآشوريين ليتمكنوا من تقديم الكثير لقضيتهم. فلن يفيد الكردي اجترار تجربة حكومات بغداد معهم، وإعادة تسويقها على الآشوريين. فهذه السياسة ثبت فشلها والدليل الدامغ نراه في الواقع الحالي لشمال العراق، فلو كانت التجربة ناجحة لما رأينا كل هذا الكم الهائل والمتراكم من المشاكل والأحقاد.
إن إبلاء التمايز الديني بين الكرد والآشوريين أهمية خاصة. نابع من إن الكثير من الأكراد صاروا ممن يرفعون شعار (الإسلام هو الحل) متأثرين بتوجهات اصولية في البلدان المجاورة. وحيث إن الشعار أعلاه يهدد أسس التعايش السلمي بين الكرد والآشوريين. ويزرع لدى الآشوريين المخاوف مستندين إلى تجربة التاريخ القريب. فان على الكرد إن أرادوا حقا التعايش والتضامن أن يحاربوا تسييس الدين. او تطبيق قوانين تؤثر ضميريا على الآشوريين ولن يقبلوا الخضوع لها او هظمها.. وما نعنيه بالمحاربة هو التوجيه والارشاد والتثقيف. فلسنا أبدا ضد تدين شخص أو فئة ما، فهذا حق من حقوق الإنسان الأساسية، وإنما نحن ضد فرض قيم معينة (من طرف الاكثرية) لا يمكن للآخر (الاقلية) القبول بها. فذريعة (الاكثرية والاقلية) لا تبرر هذا الفرض.. كما نحن نرفض فرض قيم تستند إلى قوانين الاهية لا يمكن لأحد معارضتها بحجة قدسيتها.
باعتقادنا إن تجاوز سلبيات الماضي لا يتم بمجرد اظهارالمودة. ولكن بوضع تصور سليم ومشترك لمستقبل العلاقة بين الشعبين. أو بتبني كل القوى الفعالة في الشعبين لمفاهيم تساهم في ترسيخ القيم الديمقراطية. وتساوي الشعبين بعيدا عن المقولة الممقوتة للأكثرية او الأغلبية والتي لا تتوافق مع تساوي حقوق الشعوب مهما كبر أو صغر عددها. إن تبني القوة الفعالة في الشعبين، اللذين ذاقا الظلم والحرمان اكثر من غيرهما، القيم الديمقراطية سيجعلهما الصخرة القوية التي يبنى عليها العراق المستقبلي.
منتصف التسعينيات من القرن الماضي نشرت في كراس افاق سياسية وموقع كلكامش باسم نرسي بيت كنو
الاشوريون والكورد..التاريخ والديموغرافيا
قرات قول لاحد الائمة المسلمين، يرجع اصل الكورد الى الشيطان. ولا يزال في ذهني السؤال الذي طرحته مجلة العربي الكويتية في اوائل السبعينيات من القرن الماضي، على المرحوم ملا مصطفى البرزاني، وكان منطق السؤال يقول هل صحيح ما يقال من ان اصل الكورد من الشيطان. فرد مهما كان اصلهم فانهم اليوم موجودون. قد تكون هذه المقدمة الصغيرة ردا على الكثيريين ممن ينكر للكورد وجودا وحقوقا، استنادا الى التاريخ. ان يختلف الاشوريون والكورد، حول مسأل ويتصارعوا حول حقوق هنا او هناك، فهذا امر طبيعي. فالمثل الاشوري يقول فقط من القبور لا تسمع الاصوات. ان الاشوريين والكورد شعبان حييان حالهما كحال العرب والفرس والترك. ولكنهما يعانيان ظلما متفاوتا في نسبته. فاذا كان الطرفين يعانيان ظلم الفرس والترك والعرب. فان الاشوريين يعانون ظلما من الكورد. وما يعانونه هو ظلم مركب ديني وقومي. وهذا ايضا قد لا يختلف عليه اثنان، الا لمن اغلق عينيه عن رؤية الحقائق وسد اذنيه عن سماع انين وصراخ المظلومين.
طرح علي الاستاذ الكبير محمد البندر احد الاقلام الاكثر جراة في الدفاع عن الاشوريين طيلة اعوام طويلة، السؤال التالي ((التاريخ عامل قوة وضعف في المشروع القومي الآشوري… لا أدري لماذا يرى تيري بطرس في التاريخ عامل ضعف في المشروع القومي الآشوري ويراه مصدر قوة في المشروع القومي الكردي رغم ان الاول هو الاقوى والثاني الاضعف؟)) ولناتي من الاخر ونقول ان تاريخ الكورد ما قبل شرفنامة البدليسي يكاد ان يكون مجهولا. لا بل ان الاقلام التي تحاول تكريد السومريين او الميديين لا معنى لها. او انها من الاقلام التي تربت على الثقافة الممجدة للتاريخ وهي ثقافة سائدة في المنطقة التي سادت فيها الثقافة العربية، وبالتالي فانا لا ارى تاريخا بالمفهوم الاشوري او حتى العربي للكورد. اتذكر في جدال حول اسم الحزب الوطني الاشوري، والذي حاول البعض القول انه كان حزب البعث الاشوري او( كبا دنوخاما اتورايا)، قلت لهذا البعض، ان الاشوريين ما كانوا بقادرين ولا كان سيسمح لهم بتاسيس مثل هكذا تنظيم في ظل نظام البعث، لان معناه ان الحزب البعث يناقض نفسه، فاكثر الامم قدرة على الادعاء ببعث ماضيها هم الاشوريين. لانهم حقا يمتلكون ماضيا مشرقا ومتميزا بانجازات حضارية وعسكرية. وفي الفترة المسيحية قادوا تطورا علميا من خلال المدارس والجامعات التي كانت تابعة لكنيستهم والتي كان مقرها كنيسة كوخي في المدائن الواقعة جنوب بغداد. وهذا كله يناقض حلم البعث في بعث الامة العربية او ماضيها. اذا نحن لا ننكر تاريخ الاشوريين، ولكن المشكلة ان التاريخ يكاد لا يصنع اي شئ الا التسلية من خلال قراة بعض كتبه، والبعض يكاد لا يأخذ دروسا من هذا التاريخ.
وكما قال الاستاذ البندر ان ارتباط مسألة الديموغرافية والحق التاريخي برز بشكل اوضح مع القضية اليهودية . ولكنني اقول ورغم الحلم الذي غذته التوراة في العودة وفي ان الله منح الارض لهم. الا انهم ابقوا هذا الحلم التوراتي في اوراق الكتب والدعاء والصلاة اليومية. ولم يعتمدوا على ذلك في مخططاتهم ومناقشاتهم ومفاوضاتهم. لانهم ادركوا انهم سيفشلون لو قالوا للغرب ان الله منح الارض لنا. علما ان التوارة مقدس لدى اليهود والمسيحيين. فان الغرب كان سيقول اعطوني صكا مكتوبا بيد الله او موقعا من قبله. قبل ان يقول واين يقع هذا الله الذي اعاطاكم هذا؟ لقد اعتمد اليهود الى ماكان لهم من سكان في الارض وبنوا على اساس ذلك وجلبوا سكانا اخرين الى الارض المقدسة. ليس منذ وعد بلفور بل منذ سبعينيات القرن التاسع عشر حينما بداء اضطهادهم في روسيا. ان التاريخ افاد اليهود في المجتمع اليهودي نفسه وليس في كسب الراي العام. ولكن الوقائع على الارض وما صنعوه على الارض من كيبوتسات ومصانع ومدارس والتزام اليهود انفسهم بمشروعهم ودعمهم، هو الذي اكسبهم الراي العام العالمي، لا بل اكسبهم الامم المتحدة التي اقرت تاسيس دولة اسرائيل، حينما اقرت مشروع تقسيم فلسطين.
اذا انا لا ارى للكورد تاريخا منافسا للتاريخ الاشوري. فالكل يدرك ان اغلب القرى والمدن في المنطقة اصل تسميتها باللغة السريانية (السورث) وبالتالي فهذا دليل واضح على من سكنها قبل الكورد. ولكن عدم امتلاك التاريخ لا يعني نكران حقوق الشعوب. ففي الوقت الذي لا نؤيد ما يذهب اليه البعض من ان كوننا اقلية فاننا يجب ان نشكر الكورد على حمايتهم لنا. بل نواجهه بالقول ومن كان سبب تحولنا الى الاقلية الم يكن انتم حينما شاركتم في ذبحنا تحت راية الله اكبر. من هنا علينا ان نحاول ان نخرج من هذا الجدال العقيم والذي لامعنى له البته في اقرار الحقوق على الارض. ونحاول ان نخلق مفاهيم جديدة يمكن من خلالها ان يتعايش الجميع وان يتمتعوا بحقوقهم ويطمئنوا الى مستقبلهم ومستقبل اولادهم. ان الكوردي الذي لا يقر بحقوق الاشوريين ويحاول ان يبرر ظلمهم ويبرر ما حدث لهم في الماضي لا يختلف عن اي عنصري اخر من اي قومية كان. كما ان تمتع الكوردي او الاشوري بحقوقهم لن ينتقص من حقوق العربي، والعكس ايضا صحيح، ان الذي سينتقص هو السرقة والجرائم والظلم. وبالتاكيد ان قضية المكونات القليلة العدد سيكون محكا لنجاح الكورد في التحول الى عنصر قائد في المنطقة. وضياع المكونات من المنطقة سيعني ان الكورد لن يروا في المدى المنظور اي من طموحاتهم تتحقق. الا اذا كانت الطموحات ان يستقطع كل رئيس عشيرة بقطعة ارض ويفرض قانونه الخاص عليها ويحارب جيرانه باستمرار ليحصل على الاسلاب والغنائم.
لقد ساد في المنطقة مفهوم للاخر، مستندا الى الدين، المسلمين واهل الذمة والكفار. ولقد عانينا من هذا التقسيم معاناة كبيرة. فاهل الذمة هو مفهوم للانتقاص من كرامة الانسان، اكثر مما هو مفهوم للتمييز في الحقوق يكون افضل من الكفار. لان مفهوم اهل الذمة كان يمكن ان يلغى وان يفسر على ان اهل الذمة هم كفار ايضا. ان مساهمتنا الكبرى جميعا هي في خلق المساحة التي يمكن للجميع ان يعيشوا فيها وهم يتمتعون بكل حرياتهم وبكل حقوقهم ومتساويين في الحقوق والواجبات في ظل نظم حكم رشيدة وغير فاشلة و تستمد شرعيتها من الشعب وليس من البندقية. ولخلق هذه المساحة علينا ان نهدم الكثير من الجدران التي بنيت بين هذه الشعوب ومحاولة التنوير بان الاخر ليس فقط ذئبا. بل قد يكون حملا وقد يكون ضحية مثلنا. وان البعض ممن يتاجر بعناوين كبيرة لجر بعض ممن تستهويهم المغامرات والطموحات التي لا سقف لها، والتي لا تتلائم مع الواقع على الارض، قد يكونوا اكثر ضررا ممن نعتقده عدوا. ولعل مسألة ادخالنا في صراع غير متكافئ وغير بناء اصلا. تجعلنا نضع الشكوك حول هذه المشاريع التي لا يستفيد منها الا من يدعي بها. ولكن بدلا من كل الادعاءات التي يدعيها البعض. سيكون سؤالنا هو وما الذي فعلناه على الارض، خلال كل هذه السنوات، ولنقل منذ عام 1991 تاريخ اقامة المنطقة الامنة وما تبعها، ولحد الان. هل تمكنا من توجيه ورعاية مشروع يمكن ان يجعلنا منافسيين حقيقيين للكورد على الارض مثلا. كان نقوم بدعم مشروع للعودة وللاستقرار وللبناء على الارض واعتمادا على جالياتنا الكبيرة. ام حول البعض الجاليات الى بقرات حلوب لتحقيق مارب شخصية؟ وبدلا من تقوية الفوج الاشوري ودعمه ليتطور، تم جعله جيشا حزبيا ضيقا ومن ثم تم حله. ولو كان باقيا لليوم لكان قد تحول الى لواء ويحضي بدعم المركز والاقليم. وبدلا من دعم حملة بناء القرى التي قادها السيد سركيس اغاجان، ورفدها واعادة الحياة اليها تم محاربتها. ان هناك مفاصل للفشل في عملنا السياسي ونحن الاشوريين لا نقر بها، بل نحاول ان نرمي كل اسباب فشلنا على الاخرين وهذه اول علامات الفشل الدائمي.
4 تموز 2015 ايلاف
الاكراد وسياسة لوي الاذرع
بادرت الأحزاب الكردية الى تقديم مشروع الفدرالية للعراق الى مجلس الحكم، مقرونا بتنظيم مظاهرة في كركوك للمطالبة بضمها الى المنطقة المصطلح تسميتها بكردستان العراق، وردا على ذلك نظم العرب والتركمان مظاهرة مضادة، اسفرت على ثلاثة من القتلى وعدد من الجرحى، في هذا الوقت الحرج، وفي منطقة مليئة بالحزازيات والادعاءات المتناقضة.
لا غبار على حق الاكراد في المطالبة بأي شئ يرتأؤونه ضروريا لتحقثيق مصالحهم. فهذا من صلب الالية الديمقراطية التي يدعيها الجميع، ولكن هذا الحق يجب ان يتمتع به الجميع، العرب والاشوريين والتركمان وكل اطياف الشعب العراقي. فلم يكن الاكراد وحدهم المضطهدين، في ظل حكم الطاغية، وهذا لا جدال فيه، وشيئا اخر هو من الثوابت القانونية والاخلاقية، ان الشعوب تتساوي حقوقها، وهذه الحقوق لا تقاس بعددها أي بمجموع عدد كل شعب. وعندما أُقر مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، لم يلزم بتوفر عدد معين لكي يسري مفعول هذا المبداء. وعلى هذا فاذا كان الاكراد يطالبون بفدرالية قومية، اي تقسيم العراق الى فدراليتين كردية او كردستانية كما يحلوا لهم القول، وفدرالية عراقية جنوبية. ولو اردنا تحقيق هذا المبدأ على الجميع فانه يتوجب من الناحية القانونية وعملاً بمبدأ المساواة وليس بمبدأ ميزان القوى الذي يعني تغيير كل الامور بمجرد تغيير موازيين القوى، اي خلق حالة عدم استقرار دائم في العراق المستقبلي، ان نبني فدرالية رباعية أي عربية وكردية واشورية وتركمانية، لكي تستقيم الامور ويأخذ كل صاحب حق حقه وبالعدل والقسطاس، وبالتالي تمزيق المنطقة الشمالية الى ثلاث ولايات قومية وليس ولاية واحدة.
لا يخفى على الجميع ان دول الجوار. وبالأخص سوريا وتركيا وايران تعارض هذا التوجه، والذي هو عمليا اعلان دولة مؤجل. واذا تشبثنا بمبداء السيادة، فان هذه الدول ستستعمل نفس المبدأ لخنق العراق. وفرض نوع من الحصار غير المعلن عليه لكي تفشل تجربته. اي ان على العراقيين جميعا أن يدفعوا ضريبة الطموحات الكردية. بالرغم من ان هذه الطموحات تغبن على الاقل كل من الاشوريين والتركمان وتضعهما تحت رحمة ما يريده الاكراد. وحال وتجربة الاشوريين مع الاكراد منذ اقامة الملاذ الامن تبيين ذلك بوضوح.
لا أود أن يفهم احد انني ضد الطموحات المشروعة للشعب الكردي. ولكن اذا كانت هذه الطموحات تعني الغبن للاشوريين والتركمان والعرب في شمال العراق. فهذه يعني اعادة تكرار تجربة فاشلة، وترك الجمر تحت رماد القضية العراقية، انتظارا لاي تغيير في موازين القوى لكي تشتعل المنطقة مرة اخرى. من هنا فنحن بحاجة الى التفاهم واستعمال المنطق والعقل والقياس لكي نقيم تجربة ناجحة. فليس من الضروري استعمال مفردات مثل الفدرالية، لكي تتمتع المناطق او المحافظات العراقية بصلاحيات كثيرة تساعدها على تطوير نفسها بعيدا عن وصاية المركز. وليس ضروريا ان تكون المنطقة الشمالية وحدة ادارية واحدة. اي فدرالية كردستانية لكي يكون هناك تنسيقا فعالا بين المحافظات التي يشكل الاكراد غالبيتها في الامور الثقافية والتعليمية والاعلامية، مع الحفاظ على نفس الحقوق للاخرين.
يعاني الاكراد في تركيا من تسمية تركيا، لانها تعني ان تركيا الحالية هي بلد الاتراك. ونحن معهم فلو كان اسم البلد الأناضول أو أية تسمية غير قومية لكان الجميع يشعر انه بلدهم حقا. ولكنهم يناقضون ذلك عندما يفرضون استعمال كردستان، وهي تعني بلد الاكراد. فما المانع من عدم استعمال مثل هذه المفردة التي ينفر منها الاشوري والتركماني والعربي. فماذا يضر الاكراد لو بقيت تسميات المحافظات كما هو؟ مع تغيير التأميم الى كركوك، ماذا يضر الاكراد في هذا؟ الا يحقق ما يطالبونه في تركيا، ام ان الحرام على الاخريين حلال لهم؟
ان افضل ضمانات لجميع أبناء العراق برأي هي خلق حالة الثقة، ومن ثمة ضمانات دستورية واضحة. مثل اقرار دستور يتضمن في متنه ميثاق حقوق الانسان، ويتضمن إقامة مجلسيين تشريعيين. مجلس وطني، يتم تمثيل كل قومية عراقية فيه بحسب نسبتها السكانية من محموع الشعب العراقي، ومجلس شيوخ او القوميات تتمثل فيه كل قومية بعدد متساوي من المممثلين. ويكون لهذا المجلس صلاحيات متساوية مع المجلس الوطني، ويشترط لاحداث اي تغيير دستوري او اعلان حرب ان يحوز على ثقة ممثلي غالبية مممثلي كل قومية من القوميات العراقية، اي يحق لكل قومية او غالبية ممثليها ان تفرض حق النقض. كما ان اقامة دولة علمانية تشيع بين جميع المواطنين قيم التسامح والتساوي امر ضروري ومهم لبناء دولة مستقرة.
ان تحقيق مثل هذا الامر لا يمكن ان يحارب من دول الجوار. بل قد يشع اليها، ويؤثر فيها ايجابا، ويحد من الصراعات القومية في العراق، ويحولها الى خلافات على اقتسام الثروة وتوزيع الدخل. وبالتالي قد يتحالف المحافطون من كل القوميات ضد الاشتراكيين من كل القوميات في صراع ديمقراطي برلماني، مما يخلق ارضية صالحة لاستقرار بعيد المدى، سيكون ابناء العراق والمنطقة حينها في غنى عن اقرار أمور وسيف دمقلس مسلطا على رقابهم.
8 كانون الثاني 2004
تحت عنوان استمرار الخيانة الكردية للقضية الاشورية. نشر الاستاذ أبرم شبيرا مقالا اطلعت عليه أخيرا على صفحات عنكاوا كوم. والملفت ان عنوان المقال ينوه وكأن الكورد قد التزموا القضية الاشورية في يوم من الايام وهم منذ مدة يستمرون في خيانتهم لهذه القضية. ان عنوان المقال الاستفزازي هو لجذب القراء وهذا حق للكاتب ولكنه ليس حقا عندما يتهم الاخرين بخيانة ما لم يلتزموا به اكثر من ابنائه. ان قولنا عدم التزام الكرد بالقضية الاشورية لا يعني انهم لا يتعاطفون مع القضية وابنائها.
يقول كاتبنا الكبير انه نشر مقالا تحت اسمه القلمي حنا سوريشو (تناول نشاطات الكرد في العراق في زرع الفتنة الطائفية بين الآشوريين للقضاء على مطالبهم القومية المشروعة عن طريق تعظيم وترسيخ تقسيمهم الطائفي لكي يسهل القضاء عليهم قومياً. كما تناول المقال المصير الذي سيلحق بالآشوريين في حال ضمان الكرد حقوقهم وفدراليتهم عن طريق التفاوض مع النظام البعثي الاستبدادي حينذاك والوصول إلى اتفاق معه وأين سيكون موقع الآشوريين من هذه الفدرالية وهذا الاتفاق؟) ولم يذكر لنا كاتبنا سبل زرع الفتنة الطائفية بين الاشوريين او سبل تعظيم وترسيخ تقسيمهم الطائفي. واذا كان كاتبا كبيرا يسحب الاتهامات بشكل اعتباطي وعشوائي ودون تمحيص وتدقيق، فانه من حقنا ان نتسأل عن الدوافع؟ ونحن نعلم ان الانقسام الطائفي موجود بين ابناء شعبنا قبل بروز او ظهور القضية الكردية او حتى الظهور السياسي للشعب الكردي. فاول انقسام طائفي برز في شعبنا كان في منتصف القرن الخامس الميلادي، واثرت مفاعيل هذا الانقسام على وحدتنا القومية لحد اليوم. وكان الانقسام الطائفي الثاني منذ منتصف القرن السادس عشر ولا يزال تأثيره بارزا وقويا على وحدتنا القومية.
إن السيد أبرم شبيرا بدلاً من ان يساعد في فتح الابواب لتوضيح الأدوار التي آلت بنا الى الحال التي نعيشها، من خلال التأكيد او نقد سلبيات الممارسات السياسية لطرف يسانده السيد الكاتب. يلجاء الى اتهام الاكردا في ذلك وبهذا يساهم في تعميق اسباب الانقسام وجعل الناس تبتعد عن موقع الخلل لتتلهي بدعايات وشعارات جوفاء. ويقول السيد الكاتب (واليوم، وخلال ثمان سنوات التي تلت كتابة هذا المقال حدثت أشياء دراماتيكية عديدة منها تحرير العراق ومحق النظام البعثي وبلبلة الأمور كلياً وظهور الكتلة الشيعية والكردية كقوى سياسية بارزة ومسيطرة يفرضان إرادتهما على المصائر السياسية للعراق ولشعبه بمختلف تنوعاته القومية والدينية ويظهران وكأنهما ماردان جائعان جداً انهالوا على الكعكة أكلاً ونهباً ولم يتركوا شيئاً للصغار ولم يقدروا أو يتذكروا النضال الشريف الذي خاضه الآشوريون بقيادة الحركة الديمقراطية الآشورية خلال فترة حكم النظام العراقي المقبور وما عانوه من مختلف المآسي والمظالم خلال فترة هذا الحكم) .ها هو كاتبنا يتهم الكتلتان الشيعية و كتلة التحالف الكردستاني بانهما ماردان جائعان ينهالان على الكعكة اكلا و (نهبا) ولم يتركوا شيئا للصغار. وهنا مقصد الكاتب ان يكون لمن يؤيدهم نصيبا من الكعكة وهم بالتحديد الحركة الديمقراطية الآشورية التي قادت النضال الشريف للشعب الآشوري من خلال خمسة عشر مقاتلا. أما ما يذكره عن معاناة الشعب فهو لزينة الكلام. وانما القصد الواضح هو حرمان الحركة الديمقراطية الاشورية من مقعد وزاري في عملية تكاذب متبادلة لخداع الناس والهائهم عن حقيقة ان الحركة الديمقراطية الاشورية تم سرقتها كتنظيم لصالح حفنة من الاشخاص برغم كل ما قدمه شعبنا في دعمها.
ان يشارك بعض الانتهازيين في اخفاء حقائق الامور، فهذا امر مفهوم. ولكن ان يشارك الكتاب الذين يقيسون قوة الاحزاب بقدرة خداع شعوبهم في هذه التمثيلية البشعة والتي يدفع شعبنا ثمن استمرارها فهذا امر اخر. لا بل ان السيد ابرم شبير ليس محسوبا كاتبا فقط بل واحد من مثقفينا. فاذا كان دور المثقف اخفاء الحقائق والتطبيل والتزمير وترويج الاكاذيب فكيف سيكون حال الشعب يا ترى؟
ومن ثم يتكلم عن رسالة الاشوريين الكلدانيين السريان. لكي يفسحوا لهم المجال لممارسة حقوقهم بشكل قويم ومستقل وبدون تدخل من احد. وحينئذ سيجنون ثمارا من هذه الممارسة وفي مختلف المجالات. وهنا يدخلنا الكاتب في اللغة السمجة التي تمنح لنفسها الادعاء بالانتماء لشريحة سكانية عراقية اصيلة وهي أبناء شعبنا بمختلف تسمياته. فمن كان من الفئة إياها فهو اشوري وكلداني وسرياني وان منحت المناصب لتلك الفئة التي قادت نضال شعب بخمسة عشر مقاتلا ( وهم لم يقاتلوا يوما الا من خلال القاء القبض على بعض ابناء شعبهم وزجهم في السجون وتعريضهم للتعذيب) .مع تقديرنا للبعض منهم ممن كانت نياته صافية وحسب انه يعمل من اجل شعبه. فهذه المناصب هي لشعبنا وان منحت لغيرهم فهي ليست للاشوريين الكلدانيين السريان!.
ان المشكلة ليس في تمجيد اعضاء ومقاتلي الحركة. ولكن في الحقائق التي يدركها الجميع ولكن البعض لا يزال يعتقد انه يمكنهم ترويج كل ما يرغبون، دون مراعاة الحقائق سيرا على سياسة غوبلز اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس. وصارت هذه الاكاذيب اسطوانة مشروخة تدمي القلب قبل العين. لانه تحت شعارها يتم التخوين وسحب هوية الانتماء وتتم ممارسات صدامية عفلقية بشعة بحق شعبنا وقواه القومية وشخصياته الوطنية.
ان امثال هذه المقالات التي يسهل كتابتها لانها تمجد الذات وتلقي بكل الأخطاء على الاخرين. تعتبر مرض عضال يتم نشره بين ابناء شعبنا. لانها تخذرهم وتقتل ملكة النقد لديهم، مما يجعل الاخطاء تكبر وتتعاظم ولا يمكن معالجتها. ان السيد شبيرا بدلا من ان يجعل من قلمه اداة تقويم وتعديل ونقد الاخطاء. يجعل من هذا القلم أداة تمجيد فزاعة يدرك الجميع قدرتها وقوتها، فزاعة لا تتمكن من اخافة الا المساكين المصدقين لقدراتها الخارقة.
ويتهم كاتبنا القوى السياسية العراقية بانها ستقوم بـ (سيميلي) ثانية ولكن بافناء فكري ثقافي حضاري. يسوق اتهامات خطرة للجميع دون ان يرف له جفن. ولا يطرح ولو سؤالا بسيطا عن الانجازات الفكرية الحضارية الثقافية لحركته الديمقراطية الاشورية. وعن دور الشعب وابناءه وعن دوره شخصيا في عدم القبول بحدوث مثل ذلك. لا سمح الله ان حاول البعض عمله مع شعبنا. ها هي الخطابات العروبية التي اتحفنا بها الكتاب القوميون من البعثيين والقوميين العرب والناصريين، انها عينة مصغرة منها ولكنها تأتينا بعد حوالي اربعون عاما من سقوط احمد سعيد في اذاعة صوت العرب.
وبالرغم من الوضوح التام، ان سبب ترسخ الانقسام الطائفي هو سبب ذاتي يتعلق بشعبنا وتطور الوعي القومي ومعرفة وتحديد الخطوط الحمر. الا ان الكاتب يتهم الكرد بانهم خططوا لترسيخ هذا الانقسام لخدمة سياساتهم وخصوصا تجاه الاحزاب ذات القرار المستقل التي كانت تستلم من الكرد مئات الالاف من الدنانير شهريا، ويعمل الكرد كل ذلك بحسب الكاتب لتدمير الاساس القومي للاشوريين.
ان يقول كاتبا ما رأيا فهذا من حقه، ولكن ان يحاول تمرير أكاذيب ومهازل واتهامات بحق هذا الطرف أو ذاك سواء كان فردا أو تنظيما سواء كان اشوريا او طرف عراقي آخر فهذا الأمر يجب ان يجابه. ان السيد ابرم شبيرا من خلال قلمه يحاول ان يهدم كل اواصر الجيرة بين الآشوريين واخوانهم في الوطن من الكرد وغيرهم. وهذا كله ليس لاي سبب بل فقط لان اغلبية الاحزاب العراقية ما باتت قادرة على هظم الاكاذيب والتزوير، التي يمارسها البعض مستغلين خجل الاطراف الاخرى من نشر غسيلنا الوسخ على الاسطح العليا.
اليوم وشعبنا يتمثل بثلالثة وزراء في حكومة الاقليم وبوزيرن في الحكومة المركزية هي خطوة بناء وترسيخ لحضور اطراف اخرى في المشهد السياسي لنتمكن من اثبات القدرات الفعالة لشعبنا في رفد العملية السياسية برجال ونساء مبدعين ومتميزين.
وبدلا من أن نظل نلقي التهم جزافا على الكل علينا العودة الى الاسباب الحقيقية لرفض الجميع التعامل مع هذا التنظيم بالرغم من تمكنه من خداع شعبنا لفترة طويلة وبالرغم من ان اغلب الاطراف القومية لم تزاحمه رغبة منها في الحفاظ على وحدة الصف. اليوم حان الوقت الحقيقي لكي يطرح الجميع تساؤلاتهم عن اسباب ابتعاد اغلب القوميين النزيهين عن هذا التنظيم. والى متى سيظل الجميع ساكتين عن ما يلحق بهم من الأذى جراء ممارسات أفراد معينين في هذا التنظيم.
بدلا من تفحص الاسباب، يتم كيل الاتهامات، كنا نرجوا ان يكون ما حدث درسا لهذا البعض لكي يدرك ويعي ان له اخوة، الا ان ما اطلعنا عليه في مقالة السيد ابرم شبيرا الناطق غير الرسمي بأسم الحركة الديمقراطية الآشورية يجعلنا نعتقد ان لم يتم التعلم من الدرس ولن يتم.
22 ايار 2006
الانفال نتاج فكر وثقافة
بدأت اليوم محاكمة الرئيس العراقي السابق واعوانه بتهمة ارتكاب جرائم الانفال المعروفة. وهي بحق جرائم وليس جريمة، فجريمة تتحرك لتمحو من الوجود مئات الالاف من الدور والكنائس التاريخية والاديرة الموغلة في القدم والجوامع، لتدمر الاف القرى، بما تحتوية من الزرع والترع ولتقتل مئات الالاف من البشر، لا يمكن وصفها الا بالجرائم، لانها استمرت ومورست في مناطق واسعة. لا يمكننا ان نجد سببا لكل ما اقترف في الانفال، لانه ليس بمعقول ان يكون هناك سببا لقتل الاطفال الرضع ما دون السنة والسنتين او الاطفال الصغار او الشبوخ المسنين والنساء. هل يمكن ان نجاري البعض للبحث عن السبب ونحن نعلم حقا ما مورس هناك ؟ ام ان هذا البعض الذي يحاول تبرير العمل باسباب يتعلل بها قد تجلدت وتجمدت لديه المشاعر والاحاسيس الانسانية فراح يتعلل باسباب وهمية.
لقد اراد النظام وبكل صلافة الانتقام وتركيع الجميع لكي يتوسلوا منه الحياة. لقد تجبر وطغى بلا حدود وترك لنا ارثا ضخما من المشاكل والعوائق والالغام التي لا تزال تنفجر في وجه العراقيين. ولكن قياداته تتمتع بمحاكمة عادلة. ففي الوقت الذي لم يسمح لضحاياه حتى التوسل. وبعض الضحايا لم لم يكن لديه حتى القدرة على تأليف جمل التوسل. لا بل ان هناك من لم يكن لديه القدرة للنهوض والسير، فقد كان في لفائف القماش لانه كان لا يزال رضيعا. وبعض الضحايا كان قد خباء نور العينين لديه لانه عاش حتى بلغ العتيا من العمر. هولاء الضحايا لم يتمتعوا باي وسيلة للتذرع لقاتليهم. وهاهو رأس النظام واعوانه ومنهم الكيمياوي يتمتعون بمحاكمة عادلة ولهم هيئة دفاع لتدافع عنهم.
محاكمة صدام لن تعيد الضحايا، ولكن من الواجب تعرية الكل وكشف كل ما حدث وعرضه بالصور والكلمة لكي يدرك الجميع كم كانت جرائم الانفال بشعة. فالجريمة اساسا بشعة والا لما سميناها جريمة، ولكن ان تكون جرائم خطط لها لكي تبيد شعب منطقة باكمله. جريمة طالت الجميع لم تستثني احد. جريمة قال الكيمياوي حولها، لما تضخمون العدد، فكل القتلى هم بحدود مئة الف وليسوا مائة وثمانون الف كما تقولون! اذا مئة الف ليسوا شيئا لدى الكيمياوي، فالجريمة امر عادي، ولكن العدد قد يعني لديه الدية التي تدفع. هذا هو مفهوم نظام صدام ومفهوم اعوانه للحياة وللكرامة. اقتل واجعل الجميع يسكتون بدفع الدية او الفصل بالمفهوم العشائري الذي سيرت به الدولة العراقية لعدة عقود. فصدام كان رئيس عشيرة وكل العراقيين من رعيته ومن حقه ممارسة سلطته عليهم ولو بالقتل والسحل والتعذيب، فطويل العمر عادل وكلمته قانون وعدالته صارمة لحد البتر، وهنا البتر طال شعوبا. لقد حسب ومارس دور ظل الله على الارض. وكان ما كان من الجرائم مسكوت عنها في عالــم الاعراب. فالكـل سواســـية في الممارســة ولا كراــمـة الا لمن في الســــلطة. هل سيتم كشف كل البشاعات التي مورســـــــــــــت اثناء الانفال، وهل ان كشفت سترتعش شعرة في جسد كل الصداميين من المحيط الى الخليج، كل التبريرين من الخليج الــــــــــــــى المحيط؟ لا نعتقد بذالك. لان ما مارسه صدام لم يكن نتاج فورة غضب او ثورة انية بل كان نتاج ثقافة بشعة تستمد جذورها من التراث والارث. والا فكيف بعد كل ما حدث تستمر الممارسات وتحت الشعارات المعروفة للجميع وتلقى التأيد والمباركة وتسمى مقاومة. يمكن ان تطول المحاكمة وهذه من سياسة الدفاع، لان المجرمين متمسكون بالحياة وبلا حياء. ولكن ان تكشف طينة هذه الطبقة العفنة وتتعرى امر ضروري لا بل اكثر من ضروري لكي يعي الجميع كيف يجب ان يكون الحكام، وكيف ان على الحكام ايضا قانون وهم ليسوا بالمستثنين من ذلك. فالقانون يجب ان يطال الجميع وان طال الزمن، كما طال بهذه الفئة الضالة. ان المحاكمة بنظري ستكون قاصرة ان طالت الاشخاص فقط، فالمطلوب محاكة قيم وطروحات واراء بررت او ساعدت على حدوث ما حدث. فلكي نجتث الجريمة من الاساس علينا ان نجد ما سوغ لها او سهل حدوثها. انه الفكر الشمولي والذي يولد اناسا مشوهين يقررون مصير الناس بلحظات وبلا ادنى تردد. فكر انجب اناس اعتبروا انفسهم فوق الجميع، وكلمتهم يجب ان تطاع استنادا الى منبتهم وليس الى امكانياتهم او قانونية كلمتهم. فالقانون كان مغيبا وملغيا عندما كان يتعلق الامر بالفئة الحاكمة او باعوان رأس النظام. القانون الشكلي كان فقط يمارس لحل بعض الاشكالات التي تقع بين افراد الرعية فقط. اما اعوان النظام وحاشيته فما طالهم القانون لانهم فوقه.
المحاكمة بما تمثله من حق المتهمين للدفاع عن انفسهم، يجب ان تبنى نمط جديد كل الجدة في النظام القانوني وفي نمط ممارسة السلطة، لانه بلا هذا يعني اننا لم نتعلم شيئا من الانفال وكل جرائم صدام الاخرى.
الجرح العميق الذي احدثته الانفال، سيبقى كذالك جرحا غير ملتئم جرحا ينزف على الدوام، ما لم يدرك الجميع ان هظم الحقوق هو بجد ذاته جريمة كبرى. ما لم يدرك الجميع ان الغفران والنسيان يجب ان يليا طلب المغفرة ونقد الذات والتخلص من كل ما يعيق التعايش الانساني وكل ما يبنى عل التمايز بين البشر على اساس الدين واللغة واللون، يتطلب نبذ العنصرية والتعالي المستشرية في الفكر العروبي، يتطلب تبني خطاب انساني رحب.
الانفال لم تكن جريمة بحق الكرد والاشوريين فقط بل هي جريمة بحق كل العراقيين وكل الانسانية لانها طالت قيم انسانية. فعلى الجميع ادراك ذلك. فيوم سكتنا عن سميل المذبحة التي طالت الاشوريين عام 1933، ويوم سكتنا عن حلبجة وغيرها وغيرها فتحنا الباب واسعا امام الانفال وامام ما اقترف في انتفاضة عام 1991 وما تلاها. ان قيمة الحياة وقيمة الكرامة التي تم اغتيالها في الانفال وسكت عنها، كانت قيم تهم الانسانية كلها. فسكت البعض عنها وبررها الاخرون مما زاد من الم الضحايا ومن انينهم. والضحايا هنا كانوا من اقرباء الضحايا الحقيقين لانه لم يترك مجالا لاي احد لكي يئن ويتألم في الانفال. فالكرد كلهم كانوا ضحايا والاشوريين كلهم كانوا ضحايا لانهم شعروا ان لا احد يستشعر الامهم ولا احد يسمع انينهم.
وفي الختام ليس علينا الا ان نقول ناموا قريري العين ايتها الانفس البريئة، فقد جاء اليوم الذي سيؤخذ بحقكم من قاتلكم وان طال فقد اتى.
21 اب 2006 ايلاف
اين الاجندة الكوردية مع مسيحيي العراق؟
تحت عنوان مسيحيو العراق: بين التخلي العربي والاجندة الكوردية ، نشر الاستاذ سليمان يوسف يوسف مقالة في موقع عنكاوا كوم. لا ادري باي تصنيف اصفها غير انها تخلط الامور والاحداث بغير اسبابها. فعنوان المقالة المثير ينبي بان مسيحيي العراق خاضعين لاجندة مرسومة من قبل الكورد. وان العرب حماة المسيحيين والمدافعيين الصلدين عنهم قد تخلوا عنهم في الاونة الاخيرة عراة ضعفاء يرسم مستقبلهم من قبل اجندة كوردية عدائية. واذا يبتداء الكاتب المقالة بقصة السيدة ريتا عزيز فهو يقع في المطب الاول، فريتا تعرضت الى ما تعرضت له في مناطق عربية وبايدي منظمات اسلامية عربية. واذا كان الكاتب قد صورة القصة كمحنة لكل مسيحي العراق، لانها تلخص مأساتهم في العراق الذي يقول عنه العراق الفدرالي وبصورة تهكمية. فان الكاتب يرمي الى منح سبب الفوضى الى دخول القوات الامريكية وتحرير العراق من صدام وزبانيته. ويمنح لهذا الدخول الذي يسميه الغزو التسبب في ايقاظ الصراع الطائفي والنزعات العرقية وتهديد مستقبل العراق بحرب اهلية. من هنا نود ان نقول للاستاذ الكاتب ان توصيف الوضع المعروف ومنح اسباب غير الاسباب الحقيقية لما يحدث في العراق، هي عملية مغالطة ان لم تكن تغطية للسبب الحقيقي والذي هو تمكن فئة معينة من السيطرة على العراق ومنذ تاسيسه. وابعاد كل الفئات الاخرى من المشاركة في صنع قرار بلدها، ما لم تكن خاضعة تماما لمصالح الفئة القابضة على زمام السلطة. فمذبحة الاشوريين معروفة الاسباب والدوافع، وضرب الحركة المطلبية الكوردية منذ الاربعينيات معروف، وعمليات السحل والقتل المتبادل وتدمير ممتلكات الدولة وتهجير مئات الالاف من العراقيين بضمنهم فئات من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، والشيعة العرب والكورد الفيلية الى ايران بحجة اصلهم الايراني، ودكتاتورية السلطة، وعمليات تدمير الاف القرى الكوردية والاشورية، كل ذلك وغيره لم يكن سببا كافيا لكي يهدد مستقبل العراق الموحد؟!
هناك من يحاول ان يكون استاذا على الجميع عندما يربط مصير الكلدان السريان الاشوريين والازيدية والمندائيين والشبك بمصير الدولة العراقية. هذه الدولة التي لم تحترم يوما وجود هذه الاقليات منذ تاسيسها ولحد الان. فالدولة هي التي دمرت البنى التحتية لهذه الاقليات وقد ذكرنا بعضها، والبعض الاخر نود ان نذكر بها وهي ان العراقيين كلهم كانوا يعرفون عن بابلو نيرودا ولوركا وهمنغواي ودستوفيسكي وهيغو ولكن هؤلاء العراقيين لم يعرفوا عن ميشائيل لازار وعن يوسف قليتا اوتوما اودو او مئات الشعراء والادباء من ابناء شعبنا او ابناء الاقليات الاخرى وخصوصا من كتب بلغته الام. لا بل طال امر تغيبهم حتى في بعض تاريخهم فالفترة المسيحية المزدهرة ثقافيا وعلميا في المدن التي هي ضمن العراق، او كانت ضمن التاثير، او خاضعة لتوجهات ادارية وسياسية وثقافية لقيادات كانت تتخذ من مدن تقع في العراق الحالي مقرا لها، كجامعات اوروهي ونصيبين وجيندي شابور والدير الكبير، وعشرات المؤلفين والكتاب والفلاسفة لم يتم ذكرهم ولم ينوه عنهم، وكان العراق كان ابان الامبراطوريات القديمة وبعث مرة اخرىة ابان الغزو العربي الاسلامي. وقد تعرضت باقي الاقليات لعمليات اضطهاد مبرمج ومنها تغيبها من مناهج التعليم وتغييب التعليم بلغاتها وعدم الاعتراف بوجودها ولعل عملية الاحصاء السكاني لعام 1977 خير مثال عندما تم الضغط على الجميع لخيار اما عربي او كوردي للتسجيل في حقل القومية. وعند ذكر الكاتب لتعرض شعبنا للارهاب من قبل تنظيمات ارهابية، يذكر الامر وكان الارهاب وليد صدفة ما. وليس كعملية ناتجة عن واقع تربوي سياسي. ان الارهابيين هم نتاج تربية الدولة التي قسمت مواطنيها حسب الولاءات الطائفية والعشائرية والدينية والقومية، فعائلة رئيس النظام كانت الاولى في كل شئ، بالثروات والمناصب والبروز الاعلامي.وهي الاقرب لمجال القرار السياسي. ومن ثم عشيرة الرئيس، ويلها اهل قريته ومحافظته، ومن ثم الحزبيين السنة وان كان فيها بعض الشيعة ومسيحي واحد فهؤلاء كانوا من مستلزمات تكملة الصورة. فهذا المسيحي لم يرفع صوته معترضا عندما تم فرض تدريس تفسير القران على جميع الطلبة من السنة الرابعة ومافوق. الذي اعترض كانت الشبيبة القومية وبالاخص تلامذة المدارس من مختلف المراحل واعضاء لجان الشبيبة الاشورية. ان الحملة الايمانية التي قادها النظام خلقت من مجرمين عتاة ارهابيين دينيين. حينما اخرجت من السجون كل من تخطت علومه او حفظه لمدى معين من سور القران الكريم. فخريجو السجون المؤمنين الجدد غيروا مهنتهم من السرقة والقتل والاغتصاب الى اغتصاب المجتمع برمته.
اذا ان محاولة تصوير ان الاقليات حضت بحماية الدولة العراقية هو امر بعيد عن الواقع. فالاقليات لم تحضى في يوم من الايام بحماية ما، كل ما في الامر ان ما تعرضت له هذه الاقليات في السابق، بقى مكتوما وغير مبرز في الاعلام او تم تخطية على اساس مبداء سيادة الدولة على شعبها وارضها.
نعم هناك منظمات ارهابية سنية وهناك توجه شيعي لاستئصال الغير المسلمين من مناطقهم في البصرة وبعض بغداد كمثال. الا انه لحد علمي لم نرى منظمات ارهابية كوردية. كل ما قيل من قبل السيد النجيفي لم يتم التاكد منه، وكل ذلك بقى ضمن حملة الاتهامات المتبادلة بين الكورد والسيد النجفي وحلفاءه. وهذا لا يعني ان الكورد قاطبة لهم توجه لقبول الاخر، لا ولكن بكل المقايسس لم نلاحظ وجود منظمات ارهابية كوردية تعمل لاستئصال المسيحيين او المندائيين او الشبك والازيدية الذان يعتبران على نطاق واسع او بغالبية انهم كورد من الناحية القومية ولكنهم يؤمنون بدين او بمذهب اخر، عدا منظمة مرتبطة بالقاعدة.
واذا كنا نتفق مع الكاتب حول استهداف ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وتقديمه الشهداء الكثر في هذه المعمعة التي يعيشها العراق، واذا كنا نحمل الحكومات العراقية المتعاقية والقوى السياسية العراقية بغالبيتها مسؤولية ما يتعرض له ابناء شعبنا، لان لا الحكومة العراقية ارتقت الى مستوى المسؤولية الوطنية لوقف مثل هذا الاستنزاف الدائم لمكون اصيل واساسي في العراق. ولا الاحزاب السياسية الكبيرة وقفت موفا حازما من استهداف ابناء الاقليات الدينية والقومية. كان على هذه الاحزاب ان ترتقي الى مستوى العمل المباشر اعلاميا وتنظيميا وسياسيا لوقف الاستهدافات التي اساسها تصفية او اوازلة مكون من مكونات الشعب العراقي، وان لا تكتفي ببيانات الاستنكار المتكررة والمملة. ان حالة الانفلات التي يعيشها العراق والعراقيين هي نتيجة لزوال الشعور الوطني الحقيقي، الرابط الذي يربط بين المواطنين. لان العراق بالحقية كان منذ تاسيسه كبلد عام 1921 يعتبر من حصة طرف واحد. ان استشراء ظاهرة العنف وان لم تكن غريبة عن العراقيين او المناطق التي يتكون منها العراق الحالي. الا ان استمرارها رغم التمدن والرقي وارتفاع نسبة التعليم لهو مثار تساؤل كبير، عن العلة التي تجعل العراقيين مستعدين لهذا التحارب لحد افناء الاخر.
لا ادري وامام السرد اعلاه متى كان عرب العراق مهتمين او حماة المسيحيين؟ لكي يعاتبهم الكاتب لتخليهم عن المسيحيين؟ واذا كنا ننظر الى العرب بمختلف مذاهبهم كعراقيين اشقاء في الوطنية فمن المفروض ان ننظر الى الكورد بنفس الصفة، لو كان لدينا ادراك للمفاهيم الوطنية. ولكن الظاهر ان الكاتب تاخذه نظرته السلبية تجاه الاكراد وبشكل عام الى تجريدهم من وطنيتهم العراقية. وهم المكون الثاني في العراق من ناحية العدد والمكون الاقوى من الناحية السياسية والاكثرة قدرة على الانفتاح على العالم دون هواجس دينية. وهذه الحالة نرى عكسها لدى اغلب التنظيمات السياسية العربية سواء الشيعية وهي بغالبيتها دينية او السنية الدينية منها او القومية العروبية، التي تنظر للعالم الخارجي كتهديد لها وبالاخص لدينها.
يظل الكاتب يردد الاجندة الكوردية دون ان يوضح لنا ما هي الاجندة تلك لكي نتحاشاها. ونعتقد ان المسألة هي ترويج خطاب سياسي ديماغوجي اكثر مما هو ترويج معلومات وتنبيهات لمنعنا من الوقوع في مطبات معينة.
لقد كان مطلب المنطقة الامنة ضرورية في اعوام 2005 و2006 ،ولو كان قد تحقق في حينها لكانت لنا الان قوة سياسية وامنية يمكن ان تكون ضمن الحسابات السياسية للعراق بكل مكوناته. ولكانت هذه المنطقة اللبنة الاساسية لمنطقة الحكم الذاتي، الا ان المقترح رفض من قبل البعض لمصالح سياسية انتخابية انية والبعض الاخر رفضه سيرا على نهجه القديم في التملق للعرب العراقيين وبالاخص للسنة. وها هو شعبنا لا يزال يدفع اثمان كل ذلك، بحجة حماية العراق الموحد وكان الاقرار بالحكم ذاتي لابناء شعبنا هو الذي يهدد وحدة العراق. ونحن نقول ان اقرار الحكم الذاتي لشعبنا يرسخ الوحدة الوطنية لانها ستكون مبنية على خيارات وعلى الكرامة والحرية، وليس على الغصب . اليوم وهو ليس متاخرا جدا، بات مطلوبا ان نتخذ موقفا سياسيا نابعا من مصالح شعبنا، وهذا الامر لا يهدد وحدة العراق. والا لكان استيلاء السنة على السلطة كل هذه الاعوام اكثر تهديا لوحدة العراق. وتكالب الاحزاب الطائفية والقومية على توزيع المغانم هو اكبر تهديد لوحدة العراق. والاقرار القانوني بحق انشاء الاقاليم الفدرالية هو المهدد الحقيقي لوحدة العراق. وليس مطالبتنا بحق مشروع هو المهدد لوحدة العراق. من حق الكورد ان يعملوا ما يروه صالحا لشعبهم، لا بل ان القيادة الكوردية اثبتت انها الاكثر حصافة وقدرة على التحاور والنقاش للوصول الى الحلول المنشودة. وكانت القيادة الكوردية بمستوى المسؤولية حينما شرعت ابواب المنطقة لكل المظطهدين وبالاخص الصابئة المندائيين وابناء شعبنا للعودة الى مناطقهم التاريخية، وفتحها للمجال للقيام بنشاط اعمار وتنموي وخير لمساعدتهم.
واليوم اثبتت القيادة الكوردية انها الاكثر حصافة حينما اقرت لشعبنا الكوتة البرلمانية بصفتنا القومية الامر الذي يبدوا انه لا يسر الكاتب رغم رفعه الشعارات القومية الاشورية. فهل نستغل المسألة لتحقيق ذلك في الدستور العراقي ايضا؟ وهل سنعمل من اجل ترسيخ ما تحقق في دستور اقليم كوردستان على الارض؟ وزيادة الحقوق وتطويرها، ام سنعمل على تشديد حروبنا الداخلية على التسمية والقيادة من اجل ضياع ما تحقق؟
يظل البعض يتغنى ويروج لسهل نينوى وكان المنطقة هي بيد شعبنا، وهو الذي يديرها ويحفظ فيها على ذاته، متناسين ان هذه المنطقة تضم خليطا من الكلدان السريان الاشوريين، والشبك والازيدية والكرد المسلمين والعرب، كما ان المنطقة تعرضت لحملة تعريب مستمرة ابان زمن النظام السابق، والمنطقة الان هي تابعة لمحافظة نينوى وتسير بتوجيهاتها في كل الامور، ثقافيا وسياسيا وتنمويا. فعلى ماذا يتباكى البعص ويقول ان الكورد يريدون الاستحواذ على سهل نينوى؟ وهم يمثلون ثقلا معتبرا فيه من خلال الازيدية وبعض الشبك. بالطبع لا نتوقع حدوث مجابهات عسكرية او حرب الجبهات بين العرب والكورد، واذا كان سهل نينوى هو منطقة بين الطرفين فهو يضم الطرفين ككل مناطق التماس التي تمتد لاكثر من الف كيلومتر لا يشكل منها سهل نينوى الا اربعين كيلومتر كاكبر احتمال. وبغض النظر عن ان حكومة الاقليم ساعدت المسيحيين او قامت بواجبها تجاه مواطنيها حيث الغالبية هم من ابناء الاقليم وتواجدوا في المدن مثل بغداد والموصل والبصر بعد عام 1961 باعداد كبيرة. الا ان المحير في الامر هو ان القيام بالواجب يعتبر استمالة لتحقيق اجندة، وعدم القيام باي واجب تجاه ولو كمواطنبين عراقيين، يعتبر خيانة، فهل هناك موقف بين الموقفين كان يجب ان تقفها قيادة الاقليم لكي يرضى عنها البعض، ومع الاسف لا ينيرنا الكاتب عن ماهية الموقف المطلوب وقوفه؟
يدرك الكاتب ويدرك الجميع ان وجود شعبنا بغالبيته العددية هو في محافظة دهوك ومن ثم نينوى واخيرا اربيل. اما تواجده في المحافظات الاخرى فقد زال او كاد ان يزول بعد ان كانت مدن الجنوب والوسط في القرون الوسطى مسكونه بهم. وما الوجود الحالي الا نزوحا من المحافظات الثلاثة التي مر ذكرها. وبالتالي فان هناك رابط مصيري يربط بين شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والكورد. ورابط الجوار الجغرافي الذي لايمكن فصله. حيث تتداخل القرى بعضها ببعض لحد يصعب فصلها. وعليه فانه من المفروض تنمية وجودنا ودعمه في هذه المحافظات التي نمتلك فيها اراضي عائدة لابناء شعبنا ونملك نوع من الارتباط الوجداني بالارض. وان اقرار اقليم كوردستان بحقنا في الحكم الذاتي يعتبر تطورا ايجابيا علينا استثماره، لالحاق بقية مناطق تواجد شعبنا بالاقليم لاسباب منطقية ووجيهة. ولعل اولها ان يتم لم شعبنا في منطقة ادارية سياسة قانونية واحدة. وثانيا زيادة ثقل شعبنا الديمغرافي في الاقليم وصولا الى ترسيخ سياسيات معينة والضغط على الاقليم لترسيخ سياسيات محددة في العراق. ومنهات تطوير النظام السياسي الى نظام علماني كامل. والسبب الاخير ان منطقة سهل نينوى وكما ذكرت سابقا ليست تحت ادارتنا ولا نمثل الثقل الذي يجعل الاخرين يدورن في فلكه. بل ان عرب محافظة نينوى يحاولون فرض املاءاتهم على المنطقة، وبالتالي فالمنطقة ليست ملكا صافيا لنا وهي لا ترتقي الى مستوى تجمعاتنا السكانية في اقليم كوردستان في كل المجالات. فعلام البكاء على سهل نينوى والخوف من انضمامه الى اقليم كوردستان؟ بالاضافة الى ان اقسام من منطقة سهل نينوى هي بحكم المنظمة الى اقليم كوردستان وخاصة قضاء الشيخان وناحية القوش ومنطقة بعشيقة وبحزاني. فهل ان تقسيم السهل ايضا بين محافظة نينوى واقليم كوردستان يحقق شيئا من امانينا الغير المفهومة؟
رسالة عتاب الى السيد ملا بختيار
في مقابلة مع ملف برس صرح الاستاذ ملا بختيار العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني، والمشرف على العلاقات الخارجية للاتحاد بما يلي: ( والمعروف ان الشعوب لها الحق القانوني في اعلان اقليمها او دولتها اذا كانت لها ارض تاريخية وجغرافية، ولكن التركمان والكلدواشور هم مقيمين في كردستان ولهم حق المواطنة الكاملة فيها، ولكن ليست اي ارض تركمانية او كلدو اشورية في كردستان العراق). يمر العراق ويمر اقليم كوردستان بمرحلة قلقة وهو يواجه احتمال تنفيذ التهديدات التركية لاجهاض التجربة الفتية والناجحة لاقليم كوردستان. وهذه التهديدات تتطلب وحدة داخلية متينة ومواقف موحدة لتتم مواجهة التهديدات بقوة. الا اننا نعتقد ان تصريحات السيد ملا بختيار لا تصب في هذا الاطار من حيث المضمون اولا ومن حيث التوقيت ثانيا. فالتصريح يلغي الحقائق التاريخية عن الوجود الاشوري في الاقليم. كما ان افتقار الاشوريين لاغلبية الثلثين وبالتالي اعتبارهم “اقلية عددية” لا يبيح غبنهم او انتزاع انتماءهم او وجودهم او حقهم التاريخي واعتبارهم طارئين على هذه الارض.. الحمد لله انه لم يسميهم جالية في اقليم كوردستان كما فعل ديوان مجلس الوزراء العراقي في بغداد. لم يوضح لنا السيد بختيار مفهومه لامتلاك ارض تاريخية، فهذا الشعب الاشوري، الذي يمتد تاريخه على هذه الارض اكثر من سبعة الاف سنة، والذي بنى دول وشارك في رفد الحضارة الانسانية من هذه الارض التي سميت اشور او الامبراطورية الاشورية والتي سميت مناطق واسعة منها حتى في التقسيم الكنسي بـ (ابرشية اشور) ، كيف لا يكون مالكا لارضه التاريخية؟ ام ان السيد بختيار يتحدث عن موازين القوى لاغير؟ فان كان كذلك فانه في هذا الامر محق، فالاشوريين باتوا لا يشكلون قوة قوية على الارض، ولكن لماذا؟ قبل الاجابة على مثل هذا التساؤل كان بودنا لو ارتقينا جميعا الى مستوى عال من المسؤولية لنتمكن من الحفاظ على تجربة اقليم كوردستان وجعلها اساسا صالحا ومتطورا للعراق الحديث. كما انه كان بودنا لو ان السيد ملا بختيار لم يتخذ من التسميات الحديثة للجغرافيا السياسية مدخلا لالغاء حقائق تاريخية معروفة.. مثلما كان بودنا لو انه لم يتخذ من النسب العددية مدخلا الى تغريب المواطنن في اوطانهم. وهنا نستذكر بكل التقدير مواقف سياسية لا لبس فيها لدعم حقوق الشعب الاشوري في اقليم كولاردستان اعلنها والتزمها دوما الاستاذ مام جلال الامين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني ورئيس جمهورية العراق الفدرالي. كما نستذكر المواقف الواضحة للاستاذ مسعود البارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ورئيس اقليم كوردستان العراق عندما اعلن رفضه استخدام مصطلح (الاقليات) للقوميات المتعايشة في اقليم كوردستان. اليوم كان بودنا ان نعمل كل شئ للحفاظ على المنجزات ودفعها قدما، وان لا نتعلق بمجرد التسميات والنسب العددية كما تفعل العديد من الشعوب المتخلفة التي تتعلق باشياء قد لا تفيدها في تحقيق اي انجاز، ولكنها لو عملت على ترسيخ منجزاتها ستجد ان هذه الامور ستاتيها بدون بذل اي جهد. الكلدواشور، استاذي العزيز ملا بختيار، هم من سكان هذه الارض تاريخيا. وكما قلنا اسسوا دولا وامبراطوريات من هذه البقعة، وتسميات الكثير من المدن والقرى لا تزال تمتلك اصل اشوري او كلداني او سرياني (سمه ما شئت) ولكنه اصل واحد. وهم كانوا بالملايين وكان من المفترض ان يكونوا اليوم اكثر كما هي الحالة الطبيعية لكل الشعوب التي تزداد وتتكاثر بمرور الزمن، الا نحن.. وهذا ليس بسبب ان رجالنا ونساءنا قد اصيبوا بالعقم، كلا يا سيدي.. دعني اذكر لكم حادثة واحدة ولنبني عليها نموذجا.. جميعنا يتذكر مذابح الاشوريين المعروفة بالسيفو خلال اعوام 1914 – 1917 بامر من السلطات العثمانية وبفتوى جهادية من مفتي الدولة العثمانية وبمشاركة عدد من العشائر الكوردية الذين شاركوا بدوافع دينية.. في هذه المذابح فقد شعبنا ما يقارب الـ 750000 انسان من رجاله ونساءه واطفاله وشيوخه. فلو افترضنا انهم ما كانوا قد ذبحوا، وما كان عشرات الالاف من الاخرين قد اعتنقوا الاسلام خوفا ورعبا وتحولا الى التركية والكوردية حتى في الانتماء القومي، فكم كان سيكون عددنا وكم كانت ستكون شرعيتنا التاريخية في الارض؟ وهل نتذكر مذابح بدرخان بك في اواسط القرن التاسع عشر والتي فاقت اعداد ضحاياها العشرة الاف انسان، ومذابح مير محمد الراوندوزي وضحاياها الاربعين الف ومذبحة سميل 1933 وضحاياها الخمسة الاف.. فكم كان سيكون عددنا وماذا كانت ستكون شرعيتنا التاريخية والجغرافية؟ انني اذ اورد هذه الامثلة فانها ليست لتخديش الذاكرة وفتح الجروح، كلا يا سيدي، فانا لست من يبقي نفسه رهينة التاريخ واسير الذكريات والباحث عن الاحقاد والانتقامات. ولكنه تذكير على امل ان نبتعد عن غبن الاخرين ووصفهم بصفات لا تتوافق مع وجودهم وتاريخهم وحقوقهم. بدلا ان نبني الوطن على اسس من المساواة وان نبتعد عن استعمال مصطلحات تجرح الاخر وتشكك في اساس وجوده على ارضه التاريخية، يطلق البعض تصريحات مؤلمة حقا. والاكثر ايلاما انها تطلق في اوقات نتعرض كلنا، كل الاقليم ارضا وشعبا، لمطامع اقل ما يقال عنتها انها عدوانية وتسعى لاجهاض تجربة الاقليم الفتية والناجحة. انني اود ان اذكركم سيدي ان الاوطان لن يبنيها الايديولوجيون، بل التجار والصناع والمفكرين والادرايون المهرة وكل من يضيف شيئا جديدا لزيادة ثراء المنطقة وليرسخ الامن والوئام فيها. نود ان نقول ان الاشوريين ليسوا بخائفين او يصيبهم الهلع من هذه التصريحات الخاطئة والمغلوطة. لا يا سيدي فلن يتمكن احد من التشكيك بشرعيتنا ابدا، ولن يدخل الشك والريبة قلوبنا عن انتماءنا الشرعي والمصيري لهذه الارض، فنحن اليوم مشاركون وباصرار في شرعية الانتماء والشراكة الى هذه الارض مع كل ابناء اقليم كوردستان، مثلما نشارك ايضا العرب والتركمان في شرعية الانتماء والحقوق. الا انه الالم الذي يعتصر قلوبنا من تصريحات كهذه تاتي من شخصية سياسية كوردستانية بهذا الحجم وبهذه المكانة، لانها تصريحات لا تخدم العيش المشترك وتترك الثغرات للاخرين ليتسللوا بيننا نحن جميعا اصحاب الارض والقاسم المشترك والمستقبل الموعود. صحيح ان التصريح جاء ردا سياسيا على طروحات سياسية من جهة سياسية تعودت على الاستقواء بالجوار الاقليمي لاعاقة ترسيخ ونمو تجربة اقليم كوردستان العراق، ولكن ذلك لا يبرر فتح النار من العيار الثقيل على التركمان والاشوريين. فبين الكورد والتركمان والاشوريين توجهات سياسية مختلفة.. وبالتاكيد هناك بين هذه القوميات جميعا افراد وقوى سياسية لها توجهات سياسية ترفض الاخر وترفض الشراكة الوطنية والقومية والسياسية معه، ولكنه لا يجوز في اي حال من الاحوال تحميل الشعوب ووجودها ومصيرها تبعات هذه المواقف.
صوت كوردستان في 29 .10. 2007
السؤال، متى ستكون الضربة التالية؟
في ظل الاتهامات المتبادلة، بين اطراف حكومية واليككرتوه (الاتحاد الاسلامي)، حول المتسبب عن احداث زاخو وقضاء سميل وقرية شيوز ودهوك، حيث تم مهاجمة ممتلكات المسيحيين والازيدية، من قبل اطراف هائجة، تريد تطبيق قانونها الخاص. سؤ النية قد يدفعنا للقول ان هذه الاتهامات المتبادلة، ما هي الا تلاعب ومحاولة لتوجيه الانظار الى وجهة اخرى او مشكلة اخرى. حيث يكاد اعتراض المسؤولين ومطالبتهم بمحاكمة القائمين بالهجوم على مقر اليككرتو يطغى على الاكثر اذية والاكثر تاثيرا، وهو الهجوم على ممتلكات ابناء طوائف معينة تعيش على ارضها وممتلكاتها منذ الاف السنين.
نعم اننا لا نرى الحل في احراق مقر الاتحاد الاسلامي (يككرتو)، ولكن في الان نفسه، اننا نرى ان المطالبة بمعاقبة من قام باحراق المقر والاكتفاء باستنكار ما حدث من الهجمة على المسيحيين والازيدية، امرمريب حقا! وخصوصا ان الامر ليس فرديا، بل هو واضح التخطيط من خلال التجمعات السريعة والاهداف المحددة مسبقا.
والملا اسماعيل عثمان المتهم بالتسبب في اشعال نار الفتنة في خطبته في مسجد الرشيد بزاخو، بنفسه يوجه الاتهامات الى اطراف اسلامية اخرى، لانه يقول انه ((تحدث عن مركز المساج القريب من المسجد ولم اتحدث عن اي شئ يتعلق بالمشروبات او ما شابه))، واضاف عثمان “انا صديق الحزب الديمقراطي الكردستاني وان ماحدث كان مخططا له من قبل التيار الاسلامي لان الكثير من المصليين رجعوا بعد حرق مركز المساج لكن الاسلاميين استغلوا الفرصة واستمروا)) من حوار مع صحيفة هولاتي.
من الواضح ان الاقليم قد فشل في خلال العشرين سنة الماضية من وضع خطط تربوية، تعمق التعايش المشترك، وتنشر مفاهيم تقبل الاخر، وتعمل من اجل رفع قيمة الحرية وقدسيتها للانسان السوي، والدليل ان غالبية من قام بهذا العمل المشين، كانوا من الشبان اليافعين، اي ممن ولدوا بعد او قبل اقامة الاقليم بفترة قصيرة. رغم ان اقامة الاقليم كان نتيجة طبيعية لممارسات الكره والحقد والظلم الصدامي والبعثي الفاشي.
ان المسيحيين والازيدية، لا يقبلون بان تحصر قضيتهم في بضع محلات لبيع المشروبات الروحية. ان قضيتهم هي الحرية، حريتهم كمواطنين في القيام باعمالهم القانونية، دون خوف او رعب من فتوى شخص يثير الشبان الذين لا يفهمون حقوق الاخرين وحرمة هذه الحقوق. ان المسيحيين والازيدية يريدون وقف عمليات تحقيق القانون او تطبيق الافكار والاراء بالقوة ومن قبل اطراف ليس لهاهذا الحق. ان المسيحيين والازيدية معروفون من قبل الجميع بانهم اقل الناس خروجاعلى القانون، واكثر الاطراف احتراما له. وهذا كاف لكي ياخذ القانون حقهم من من تسبب في هذه الخسائر المادية الكثيرة بحقهم.
ان حكومة اقليم كوردستان مطالبة بمعالجة تداعيات ما حدث، وهو ليس بقليل، ان ارادت هذه الحكومة، ان يتم اعتبارها حكومة مسؤولة وناجحة وترمي الى تاسيس اقليم ناجح وليس تكرارا للتجارب الفاشلة القائمة في المنطقة. ان من اهم التداعيات، هي الثقة التي فقدت في الحكومة وفي المؤسسات التابعة لها. لا بل وكما بدأت اعلاه، ان هناك من سيقول ان ما حدث كان تبادل ادوار ليس الا، وفي اقله سيكون هناك من يقول انها كانت تصفية حسابات، لاطراف تريد الادراة لها، ولم تجد الا هذه المخرج لكي تثبت ضعف الحكومة، اي ان المسيحيين والازيدية كانوا ضحايا، لاجل تحقيق التغيير الحكومي. ان الوصول الى هذه النتائج، يعني ان المسيحيين والازيدية ليسوا الا بيادق يتم التلاعب بهم في لعبة السياسة الحقيرة لتبادل مراكز الحكم.
اليوم على قيادة وحكومة اقليم والاحزابالسياسية كافة اعادة النظر بمجمل العملية السياسية. لان ماحدث في الايام الماضية هو افراز، للعملية السياسية ليس الا. قد يكون هناك تداخل ديني في الامر، سواء بالتنظيم او بالافتاء، ولكن السؤال سيبقى من سمح للديني لكي ياخذ قوة تطبيق القانون؟. والجواب انه السياسي الجبان الذي قدم التنازلات المتعددة للاسلامين وهم طمعوا بالاكثر. وهناك شواهد كثيرة على التنازلات المقدمة للتيارات الدينية، على حساب الدولة المدنية.
عندما يشعر السياسي بعدم الشرعية، او بضعف الشرعية، فانه سيتند الى شرعية تاريخية او يقدم تنازلات للقوى الاخرى، لكي يثبت اركان حكمه، وفي الغالب ان حكام المنطقة علمونا انهم، قدموا التنازلات المتتالية لللتيار الديني لكي يحتموا به. ولكي يدعوا امتلاك شرعية جماهيرية غير موجودة من جانب، ومن جانب اخر للحصول على دعم دولي مقابل البديل القادم وهو الاسلام السياسي. وهي لعبة لم تعد تنطلي على احد، لان من لعبها بداوا في الزوال وصار الكثير منهم في خبر كان.
ان دخول الديني واستحواذه على مساحة واسعة من المشهد السياسي، هو تعبير عن الضعف السياسي للاحزاب والقيادات السياسية ليس الا. ان مكان الديني هو الجامع والكنيسة والمعبد، ودوره في الدعوة الى تطبيق القيمالاخلاقية الراقية، ونشر المحبة والوئام والاستقرار، ان من حق الامام المسلم والكاهن المسيحي ورجل الدين الازيدي ان يدعون الى القيم الاخلاقية، ومنها الابتعادعن المحرمات التي تحرمها اديانهم، مثل الكحول او غيرها، ولكنها يجب ان تبقى دعوة بالحسنى. وبتوفير بدائل افضل، وليس بتطبيق الفتوى او الدعوة بالقوة، فالقوة هي حصرا للدولة، المفوضة ادارة شؤون الناس.
عندما لا تسير الامور بالشكل المطلوب، وعندما لا ترتقى الحلول الى مستوى يفصل بين السياسي ومجاله، والديني ودوره، وعندما لا يكون الحل بالاستنكار والتنديد والشجب فقط، فعندها علينا ان نسأل متى ستكون الضربة القادمة؟
6 كانون الأول 2011 ايلاف
البيان الختامي للجنة التحقيق التي لم تحقق
في الاحداث التي اندلعت في محافظة دهوك، وشملت مركز المحافظة ومدينة زاخو وقرية شيوز (سيجي) وسميل (المنصورية. والتي ترتب عنها احراق العديد من محلات بيع المشروبات الكحولية وصالونات المساج والاعتداء على كنأس وافراد، وما تبعها من استغلا البعض لهذه الاحداث لينتقم سياسيا من الاتحاد الاسلامي الكوردستاني (يككرتو) فقام بحرق مقرات للاتحاد المذكور.
امر الاستاذ مسعود بارازاني رئيس اقليم كوردستان، بتشكيل لجنة تحقيق، لتحقق في الاحداث ومسبباتها. الا انه يؤسفنا القول ان اللجنة المذكور لم تخرج عن اطار الوصف ليس الا، كما قال الامين العام للحزب الوطني الاشوري. ويمكننا القول ان المادة الهزيلة التي نشرتها اللجنة كانت صدمة لكل قوى شعبنا (الكلداني السرياني الاشوري)، ولكل من يريد نتائج حقيقية يستند عليها لكي يتم وضع اليات للبناء الصحيح وتحديد الاخطا.
فاللجنة بعد ان ركزت على تحركاتها ووصف تنقلاتها من منطقة الى اخرى لتبين الجهد الذي بذلته. ولكن الظاهر ان الجهد والتعب الذي تحاول لجنة التحقيق ان تقنعنا بانها بذلته ا لم يتمخض عنه الا وضع اللوم على بعض المواقع الالكترونية والقنوات الاعلامية وبعض الاشخاص من الاتحاد الاسلامي الكوردستاني. ووضع اللوم ايضا على تقصير اداري وامني، والحمد الله بشرتنا اللجنة بعدم وجود خسائر بشرية سوى اصابات لحقت ببعض منتسبي القوى الامنية والمواطنين والتاثير النفسي على المواطنين. ولعل اهم شئ في التقرير هو عبارة التاثير النفسي. وتوجه اللجنة الى وجوب اصدار قرار من المحاكم بشأن الشكاوى والقانون هو السائد، واخيرا على اي شخص لديه شكوى او معلومات ابلاغ المحاكم بها.
اللجنة لم تركز على من حرض الناس، علما ان التحريض حاصل ومعلن ومتكرر. ندرك ونقدر مسؤولية رجال الدين في دعوة اتباعهم للابتعاد عن كل ما يعتبر غير سليم او محرم او يؤدي الى الخطيئة وتحمل ذنوب كثيرة. ولكن لماذا التحريض على تدمير وحرق وتخريب، من منح الصلاحية لاي رجل دين لكي يقوم بهذا العمل المشين؟ اليس ذلك تجاوزا على سلطة الدولة وسلطة القانون؟ ولو استمرينا في هذا المنوال الا نقول وبشكل صريح ان كل انسان له الحق لكي ياخذ حقه بنفسه، ليس حقه وانما ما يراه حقا. وبالتالي ان الدعوة الى قيام دولة القانون والعدالة والمساواة هي دعوة كاذبة ويدعم كذبها السماح بالتحريض ضد الناس وممتلكاتهم وممارساتهم رغم قانونيتها. هل درست اللجنة الموقرة النتائج المترتبة على مثل هذه الدعوات، على التلاحم الشعبي وعلى الاستقرار الاقتصادي والسياسي؟ بالطبع كلا والدليل هو تقرير اللجنة الهزيل. وكان واجبها هو فقط ذر الرماد في العيون والقول ان الحكومة قامت بواجبها وشكلت لجنة تحقيقية. ان مثل هذه المعالجات التي تترك الامور للمستقبل، تنتج كوارث لا يمكن السيطرة عليها، فبلاضافة الى ان مطلقي دعوات التحريض سوف يتقوي موقعهم ويكون لقولهم تاثير شعبي اكبر. فان الخطر الاكبر قد يكون المستقبل الغامض وعدم استقرار وهجرة من يعتقد انه لم يعد له امان في بلده. وباخلاء البلد من مكوناته ستجعل البلد خاليا من التنوع الثقافي والاجتماعي، بما يجعل المجتمع فقيرا وقاحلا وغير قابل للتغيير والتطور. فاللجنة التحقيقية لم توجه اي نقد لخطيب المسجد او حتى التنويه بذلك. وهذا يعني عدم الرغبة في المعالجة، او يعني الخوف من الاقتراب من محضورات معينة. ان الاقليم قدم تنازلات كثيرة للاسلاميين، فبعد ان كان المامؤل ان يتحول اقليم الى واحة للحرية ليس في العراق فقط، بل في المنطقة ايضا. نرى التنازلات المتتالية للتيارات الاسلامية، من خلال الكثير من الممارسات ومنها على سبيل المثال وليس التحديد تجريم الفطور العلني في شهر رمضان، علما انه مخالف لحقوق الانسان الذي يتشدق البعض بالايمان به. هل اوصت اللجنة بادخال الائمة الى دورات تدريبية لكي لا يحرضواالناس على التدمير، بل على البناء والانفتاح والتسامح، لا لم تفعل ذلك.ليس هذا بل ان اللجنة لم توجه نقدا للحكومة، التي تركت المجتمع سائبا دون توجيه وتقييم، حيث زيادة السكان المفرطة وبالتالي زيادة الاعباء المالية على الاقليم وعلى العوائل. لان المجتمع صار بغالبيته اسيرا لرجال الدين الذين يفتون بتحريم تنظيم الاسرة. ان اجتماع الفقر وضحالة التعليم وعدم ارشاد الناس الى حقوقهم وواجباتهم، خلق جيل ياس مستعد لعمل كل شئ لانه لا يجد نفسه في اللحظة الراهنة. الحكومات التي تعتقد بانها تملك القوة لكي تسيطر على الوضع، تضع نفسها في مواجهة الشعب الذي يتطور خارج ما تخطط له. وهكذا فالشباب الذي احرق ودمر واعتدى لم يأتي لحظة التحريض، بل ولد من الازمات المتتالية، ومنها الفقر والتعليم الغير المتوافق مع التعددية السياسية والثقافية والقومية والدينية لمجتمع اقليم كوردستان.
اللجنة لم توصي بمراجعة العملية التعليمية، والتي يجب ان تشدد على المساواة والعدالة وحق الناس في اراهم وممارساتهم ما لم تؤدي هذه الممارسات الى حد من ممارسة الاخرين لحريتهم. اللجنة لم توصي بضرورة ان تتضمن مناهج التعليم دور وحقوق مكونات مجتمع الاقليم وضرورة احترامها.
اللجنة لم توصي بوضع ضوابط، لعدم تكرار هذه الحالة، لان واقع المنطقة كله ينبئ بامكانية تكرارها بين الحين والاخر. والامر لا يحتاج الى محرض مثل الذي حرض ضد نادي للمساج. والذي تم تبرئته من كل تهمة رغم انه اقر بانه حرض ضد صالون للمساج بالقرب من المسجد.
كل الدول المستقرة، تعتمد في استقرارها على قاعدة اجتماعية واسعة تحمل فكر منفتح وهي الطبقة الوسطى. ولكن الملاحظ ان العراق وحتى اقليم كوردستان ورغم حالته الشبه المستقلة. لم يتمكنا من خلق هذه الطبقة الوسطى. لان الظاهر ان الحكومة الاتحادية او في الاقليم، اهتموا فقط بطبقة من المنتفعين لدعم استمرا سلطتهم، وليس لاستمرار بلدهم او منطقتهم. فطبقة رؤساء العشائر هي طبقة محافظة بطبعها، وتريد استمرار سلطتها وهذا محال لو تطور الشعب وتعلم وتثقف. ولذا هناك التقاء مصالح بين الاحزاب وهذه الطبقة، لكي يحفظ كل طرف مصالح الطرف الاخر، من خلال القيام بالدور المطلوب منه، العشار تدعم السلطة، والسلطة تترك الناس لكي يتحكم بها زعماء العشائر ورجال الدين. ومن يخرج من هذه المعادلة، صار يلتحق بالاسلاميين لانهم الاكثر راديكالية وبالتالي الاكثر استهواء لعمر وتفكير الشباب.
لكي ينبني الاقليم بروح التسامح والرغبة في التقدم والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي. فعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم، ولكن بالطبع للحكومة اولية في هذا الامر. وصار من الواضح ان هناك شرخ يكبر رويدا رويدا، بين السلطة والشعب. وهذا الشرخ لا يمكن معالجته بالتنازلات لمن سيكون كارثة على المنطة. وهي القوى الدينية المتشددة. بل بتهيئة المجتمع لتقبل التطورات السياسية والديمقراطية السياسية والثقافية والحريات الفردية. لانه اساس خلق انسان واثق من نفسه وقادر على اتخاذ القرار. ويجب ان تعي النخب كافة ان حقوق الاقليات القومية والدينية في الاقليم يجب ان تكون خطا احمر. وليس من حق اي طرف ان يسلبها، بحجة الاكثرية والديمقراطية التي تمنح لهم ممثلين اكثر من غيرهم. فهنا حق انساني طبيعي لا يعتمد على العدد والممثلين في البرلمان. بل حق يولود مع ولادة الفرد. ان ما خرجت به هذه اللجنة التحقيقية من وصف. يجب ان يدعوا كل النخب للانخراط في نقاش عام لمناقشة المسألة من جانب حقوق الانسان وحقوق الشعوب المتعددة الاقوام والاديان. ويجب ان يكون هذا النقاش مبنيا على الرغبة في زرع القيم الحديثة وليس التحدث بلغة الوعاظ والتسامح والتاريخ الطويل من العيش المشترك وغيرها من العبارات التي نبقى نرددها كببغاوات ولا نؤمن بها. لا بل ان التاريخ القريب والبعيد يكذبها.
ايلاف 9 كانون الثاني 2012
فليتم استجواب وزير التربية والتعليم في اقليم كوردستان العراق!
منذ ان بدأ العمل بالتدريس السرياني في اقليم كردستان العراق، تقوم منظمة سياسية معينة بتحمل اغلب النفقات التي يتطلبها تمشية امور التعليم. من رواتب المعلمين الى طباعة وترجمة وتوزيع الكتب وبقية القرطاسية مرورا بالاقسام الداخلية واجور سيارات النقل التي تنقل التلاميذ من مناطق سكناهم الى المدرسة وبالعكس حسب اقوالهم وتصريحاتهم في المنابر الاعلامية والندوات السياسية وتقارير اللحنة الخيرية الاشورية في المهجر الاشوري.
ولعلم الجميع فان التعليم السرياني قد بدأ بعد اقرار قانون التعليم في اقليم كوردستان عام 1992 والذي نص على حق القوميات التعليم بلغتها القومية، وهذا الحق لا يشمل ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني بل يشمل الاخوة التركمان والاخوة العرب المقيمين في الاقليم او الذين هم من سكان الاقليم.
فمن ناحية ان التعليم العربي والتركماني يشمل تعلم جميع المواد باللغة العربية في الحالة الاولى والتركمانية في الحالة الثانية فيما ينقسم التعليم لدى ابناء شعبنا الى التعليم باللغة السريانية او تعلم اللغة السريانية وهناك فرق كبير بين الامرين، والملاحظ ان اغلب المدارس تعلم اللغة السريانية ولا تعلم بالسريانية.
استنادا الى الدستور العراقي المادة (4) الفقرة اولا والتي تنص (:ـ اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم ابنائهم باللغة الام كالتركمانية، والسريانية، والارمنية، في المؤسسات التعليمية الحكومية، وفقاً للضوابط التربوية، أو بأية لغة اخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة) هنا نرى ان الدستور يضمن حق التعليم والضمانات هو توفير كل المستلزمات لتحقيق الامر.
اما المادة (14) فتقول ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي). اي ان اي غبن او اختلاف في المعاملة بين ابناء اطياف شعبنا العراقي يعتبر عملا يناقض ما تنص عليه هذه المادة وبالتالي يعتبر مخالفة دستورية واضحة وصريحة والمادة (16) والتي تنص على (تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك.) اذا الاخلال في الواجبات المناطة بالوزارة تجاه احد مكونات الشعب العراقي يعني اخلالا تاما بالدستور وبمواده. واستنادا الى المادة (121) والتي تنص على ( يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الاخرى، وينظم ذلك بقانون)
تعني ممارسة وزارة التربية في اقليم كوردستان اخلالا بكل الدستور ومواده المختلفة في ظاهرة لا يمكن فهمها! ان السيد وزير التعليم ومن سبقه في منصبه ومنذ عام 1992 ولحد الان يتجاوزون على القانو ن ويميزون بين ابناء الشعب العراقي وابناء شعب اقليم كوردستان على اسس قومية ولغوية ودينية. ففي المدارس التي يكون التعليم فيها باللغة الكوردية تقوم الوزارة بتوفير كل مستلزمات التعليم من الكتب والقرطاسية والمدارس ومستلزماتها ورواتب المعلمين والمدرسين، فيما يتم حرمان مدارسنا السريانية من كل ذلك.
ولعلم الجميع فان ابناء شعبنا بكل مسمياته يشاركون في عملية بناء اقليم كوردستان وهم جزء اساسي من شعب الاقليم لا بل ان جذوره ترتبط بهذه الارض منذ فجر التاريخ. وابناء شعبنا يتحملون قسطهم في كل الضرائب المفروضة وفي ادخال العملات الصعبة ويساهمون في دعم الاقليم في كل مرافق الحياة. اذا السؤال المشروع والمنطقي هو لماذا لا يتم التعامل مع ابناء شعبنا وطلبتنا كابناء لمنطقة اقليم كوردستان وكابناء لجزء من هذا الشعب. ان من حقنا وحق ابناءنا علينا ان نضمن مستقبلهم وان نضمن ان يكون هذا المسشتقبل بما يتساوي فيه مع كل ابناء الاقليم وبدون تمييز او انتقاص.
ان القوانيين التي تسير امور الدولة في اقليم كوردستان هي قوانيين تساير اخر المستجدات في التعامل مع حقوق الانسان إلا في حالة شعبنا وبالاخص في حقل التعليم.
وبناء على كل ما اوردناه فاننا نقترح ان يقوم اعضاء المجلس الوطني الكردستاني من ابناء شعبنا وهم ممثلين عن الحركة الديمقراطية الاشورية وممثل عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني وممثل عن حزب بيت نهرين الديمقراطي وممثل عن جمعية الثقافة الكلدانية بتقديم مذكرة استجواب لوزير التربية والتعليم في اقليم كردستان، والمطالبة بسحب الثقة به جراء الغبن الحاصل على ابناء شعبنا. فالى متى ستتكفل الحركة الديمقرطية الاشورية بتوفير اغلب مستلزمات التدريس بالسريانية؟ انه سؤال مشروع، وهل يقوم الحزب الديمقراطي الكوردستاني او الاتحاد الوطني الكوردستاني او الجبهة التركمانية بتوفير مستلزمات التعليم بلغاتهم؟ أليست الدولة ومن ميزانيتها يتم توفير هذه المستلزمات؟
والغريب العجيب ان الحركة الديمقراطية الاشورية في الوقت الذي ظلت كل هذه السنوات تدعي انها تقوم بتحمل هذا العبء ورغم ان قيادتها فيها اناس سياسيين من الطراز الرفيع وحسب ما نسمع وكذالك قانونيين متضلعين بالقانون الدستوري وملمين بالحقوق والواجبات التي يجب على المواطن ان يتمتع او يقوم بها. الا انهم بقوا كل هذه السنوات ساكتين عن هذا الغبن الذي يلحق بابناء شعبنا وبالحركة بالاخص. لانها تتحمل توفير كل هذه الاموال الضخمة لا لسبب بل لتقاعس وزير او وزارة في اداء واجبها الدستوري.
ان سكوت الحركة الديمقارطية الاشورية على هذه الممارسة امر عجيب رغم انها كانت تمتلك اربعة من خمسة من ممثلينا في المجلس السابق. وكان لها وزير دائم في الكابينات الحكومية المختلفة، كما انها لو أرادت إثارة المسألة في المجلس الوطني الكوردستاني او حتى مجلس الوزراء لحصلت على تأييد لمطالبها. الا ان سكوتها يثير الشكوك والظنون؟
ان ما يحصل اليوم هو انتهاك صارخ لدستور مقر ويعمل به. والا فما المبرر لهذه العملية المستمرة كل هذه السنوات؟ انه سؤال من حقنا ان نطرحه وخصوصا اننا ابتلينا لاتهامنا من قبل الكثيرين باننا نساير حكومة الاقليم وسياساتها. فمقابل ايماننا الراسخ بالخطوات الصحيحية والامل الكبير الذي يعترينا باننا كاشوريين كلدان سريان ننعم بحقوقنا بشكل عام ونتطلع الى المستقبل بنظرة ملؤها الامل ويمكننا ان نؤكد ان تحالف شعبنا وقواه السياسية مع الشعب الكوردي وقواه السياسية هو تحالف له افق مستقبلي كبير. الا ان شعورنا باي غبن لا يجب ان يجعلنا نسكت بل نرفع الصوت والقول لأحقاق الحق. فحقنا يجب ان يتحقق في مساواتنا بكل مواطني اقليم كوردستان لاننا جزء من شعب اقليم كردستان بكل ما يعنيه ذلك من حقوق وواجبات.
محافظة اربيل تسمي احد شوارعها باسم قتلة رموز شعبنا
في 3 اذار 1918 كان قداسة مار بنيامين شمعون العشرون مدعوا لدى اسماعيل اغا الشكاكي والمعروف باسم سمكو الشكاكي. وكانت الدعوة للتباحث حول اقامة حلف اشوري كوردي لاقامة الدولة الاشورية الكوردية. وبعد المباحثات، خرج قداسته ومعه حراسة وعند انطلاق عربته اطلق سمكو الشكاكي الطلقة الاشارة لمن كان قد هيأهم فوق اسطح الابنية المحيطة بمكان الاجتماع في قرية كوهين شهر. وهكذا انهمر الرصاص على الجميع وقتل قائد الاشوريين وبطريركهم الشاب في مكيدة غادرة ذهب ضحيتها هو وحوالي مائة وخمسون من مرافقيه.
تعتبر الاعوام من 1914الى 1918 من اصعب الاعوام التي مرت على الاشوريين. فقد تعرضوا لمذابح بشعة خسروا فيها حوالي 750 الف نسمة . وهذه المذابح حدثت بامر من الحكومة العثمانية وبيد الخيالة الحميدية التي كان الكثير منها مؤلف من العشائر الكوردية. وحادثة القتل هذه وان حدثت في الاراضي التابعة للسلطة الفارسية، الا انها تعتبر امتدادا لهذه المذابح البشعة والتي حولت شعبنا من لا عب فاعل ومؤثر في المنطقة الى اقلية ضعيفة ومضظهدة. هنالك اسماء يحاول الكورد منحها صفة المناضلين القوميين، تثير لدينا اسئلة كثيرة ومنهم بالاضافة الى سمكو الشكاكي ، بدرخان بك الذي قتل اكثر من عشرةالاف اشوري ودمر العشرات من القرى دون ان يقدم خدمة للقضية الكوردية. اللهم ان اعتبر افراغ قرانا من سكانها وتحويل السكان عن دينهم خوفا ورعبا يعتبر جزء من هذه الخدمة؟ والثالث هو محمد كور الراوندوزي الذي بز بدرخان في قتله وتدميره. اننا لا نستنكر ان يقوم الاخوة الكورد بالاحتفاء برجالاتهم ونسائهم ممن قدم خدمة للكورد وخصوصا لكورد العراق، لان اربيل جزء من العراق، فهذا يسعدنا. ولكن ان يكون الاحتفاء برجال لم يكن لهم من انجاز الا قتل وتدمير شعبنا وتدمير بنيته التحتية واراضيه وممتلكاته. فهذا امر يثير التساؤل عن معنى الشراكة التاريخية التي يتغنى بها البعض. وان يترافق ذلك مع الدعاوي لدى البعض للانتقاص من حضور شعبنا في المشهد السياسي والتشريعي بحجة او بسبب انحناء البعض للتوسل من هذا الطرف او ذلك، في لعبة الصراعات الكوردية الداخلية، فعندها تثير اسئلة كثيرة.
هل وصل الامر بادارة هذه المحافظة لهذا الصلف والاستقواء، لحد عدم مراعاة شعورنا واحساسنا بالغثيان والانكسار من مثل هذا العمل الشنيع والذي لا يمكن تبريره باي شكل من الاشكال. ام انها رسالة تقول ما تشعرون به لا يهمنا فنحن اصحاب البلد والاكثرية ومن حقنا فعل اي شئ. في تكرار فج لما فعله البعث بهم وبنا. انها رسالة غبية تقول بعدم التعلم من اي درس، لان المظلوم سيمد يده لاي طرف يساعده ويسانده، فهل بهذه الرسالة يمكن بناء امن داخلي متين وتسامح يجعل المجتمع يعيش استقرارا وسلاما؟
ان كون شعبنا اقلية او جعل اقلية بفعل المذابح الكبرى التي لحقت به خلال القرن ونصف القرن الماضي. لا يعنى ان يتم اهانته هكذا بتكريم قتلته وقتله احد اهم رموزه المكني بامير شهداء الشعب الاشوري، والقديس الشهيد. لان الامر لا يمكن ان يخرج عن اعتباره اهانة باي شكل من الاشكال. ان عدم اعادة النظر بالامر وبكل المناهج الدراسية التي تكرم هذا القاتل وبقية القتلة التي تم ذكرهم، لا يعني فقط الاهانة ولكنه يعني رسالة موجهة الى الاجيال القادمة وهي رسالة دموية مرعبة تقول ان من يقتل الاشوريين سيكرم بذكره بطلا من ابطال الكورد. اليس مرعبا هذا الامر، وهل بهذه العقلية ندخل القرن الواحد والعشرو ن؟ ام انه استسلام للقوى الاسلامية وعلى حساب الحق والعدالة. وليذهب الاخرين الى الجحيم؟
ان اخوة الشعبين الاشوري والكوردي يجب ان تبني على التفاهم والتشارك كشعبين في الكثير من الامور وليس النظر الى شعبنا بمنظار الاقلية. ان شعبنا ورغم المحن الاخيرة فان قواه الغالبة ايدت التعاون مع الكورد. وكان تواجد شعبنا ومؤسساته وحماسهم للمشاركة في العمل السياسي والثقافي والاجتماعي في الاقليم. واجهة او مراءة جميلة يشاهد من خلالها العالم الاقليم باجمل صوره. واذا اعتقد الشعب الكوردي او قيادات او ادارات فيه انه لم يعد يحاجة لشعبنا فهو واهم. فالشعوب تبقى بحاجة احداها للاخر ان عرفنا كيف نقراء التاريخ وكيف نتعلم من العالم.
نشر في صوت كوردستان
عن اي ثائر كوردستاني يتكلم السيد مندلاوي؟
نشر الاستاذ محمد مندلاوي مقالة على موقع صوت كوردستان تحت عنوان (سمكو شكاك ثائر كوردستاني ارعب محتلي كوردستان واذنابهم في حياته ومماته)
في مفارقة او مغالطة يستعملها من يريد تعميم ما يراه على انه حقيقة. هو استعمال اسماء حالية لمناطق لم تكن تعرف بذلك، وفرض الحالي وكانه واقع تاريخي قديم. وبالرغم من ان التاريخ يحمل كما هائلا من الحقائق التي لم تقال او لم تستكشف. الا ان الغاء الاخر استنادا الى الواقع الحالي وظروفه امر في غاية الابتذال والعنصرية. فلو قلنا مثلا كان الهنود الحمر في القرن السابع الميلادي في اميركا يفعل كيت وكيت. فنحن في الحقيقة نحاول تعميم تسمية اتت بعد اكثر من ثمانمائة سنة وفرضها على عصر لم يعرفها احد. ان عدم معرفتنا لاسم اميركا حينها لا يجيز ان نعمم وكان التسمية صحيحة. او قولنا ان الاقوام السامية اتت من الجزيرة العربية، فنحن نحاول فرض تسمية لم تكن موجودة على منطقة، مع فرض احقية العرب بها. وهكذا بالنسبة لكوردستان، التي هي تسمية حديثة قد لا يتجاوز تاريخ استعمالها القرن السادس عشر الميلادي، في حين ان كلمة اتور ومرادفها العربي (اشور) استعملت لمنطقة الموصل وحواليها منذ بدء التاريخ واستمر استعمالها في التاريخ الكنسي او التقسيم الكنسي للابرشيات، حيث كانت ابرشية اتور واحيانا تدمج مع حذياب احدى الابرشيات الاساسية في تاريخ كنيسة المشرق.
لا نود الدخول في سجال مع السيد محمد المندلاوي، فهو يريد ان يثبت ان الكورد لهم الاحقية في معاقبة اي شخص او جهة او قائد باي عقوبة. ان خرجوا عن طوع الكورد لانهم يعيشون في كوردستان. طبعا هنا مغالطة اخرى، فالتسمية الجغرافية لمنطقة لا تعني ابدا انها تحت سلطة او قانون واحد يسري عليها وعلى قاطنيها. فاقليم كوردستان الذي بداء كامر واقع جراء سحب النظام السابق الادارة وكل ما يحفظ النظام، له قوانينه التي فرضها هذا الواقع، وله قوانينه التي اتت نتيجة الاتفاق العراقي على وضع معين تم الاتفاق عليه في الدستور وهو الفدرالية، ولحد الان فان اقليم كوردستان وبرغم انه الاكثر استقرارا وتقدما وامنا، الا انه من الناحية القانونية، يتبع دولة عاصمتها بغداد، وهناك محافظة كوردستان في ايران. ولا وجود لشئ اسمع كوردستان له قانون ساري على الجميع. ففي ما حدث ابان اغتيال قداسة مار بنيامين شمعون والذي كان مدعوا وبشكل رسمي من قبل سمكو شكاك للتباحث في التعاون الاشوري الكوردي، وتم قتله غدرا وهناك ادلة واضحة ان قتله كان دفعا من قبل الحكومة الايرانية اي ان سمكو عمل بامر من الحكومة الفارسية. اي ان سمكوا كان يعمل بامرة وبفعل دفع من قبل الحكام الفعليين للمنطقة، ولم يكن يطبق ارادة ولا قانون كوردستان. لا بل ان البعض يذهب الى ان الانكليز دفعوا حكومة فارس للقيام بذلك، بسبب اتصالات مار بنيامين شمعون مع الثورة البلشفية في روسيا. اذا، سمكو وبكل الاحوال لم يكن يطبق قانونا كوردستانيا، ولم يكن مكلفا بمثل هذا التطبيق، ولم يكن الا مجرد عميل، يبيع نفسه لم يدعمه في الزعامة.
لا اعلم ماهي الانجازات التي قدمها سمكو الشكاك للقضية الكوردية؟ فهل كل رئيس عشيرة اراد ان يفرض ارادته مستعملا مصطلحات تدغدغ مشاعر البعض، يعني انه كان يعمل لاجل احقاق حقوق الامة؟ فلو طبقنا ذلك لما كان هناك افضل قائد للعرب وللعراق وللكورد ايضا من صدام حسين!
في واقعة كان يمكن ان تغيير مجري تاريخ المنطقة ونوعية العلاقة بين شعبين يتعايشان جارين في القرى والمدن على امتداد منطقة من سلامس في ايران الى مناطق طور عابدين في تركيا ومن بحيرة وان وارمينيا شمالا الى سهول نينوى في العراق، قام الشكاك باغتيال حلم كان سيحقق لهذين الشعبين الاستقرار والتقدم وفرض وجودهما التاريخي على الارض.
لا اعلم مدى علم واطلاع السيد مندلاوي على حقيقة المشاركات الاشورية في النضالات المشتركة مع الكورد؟ اكاد اجزم ان السيد مندلاوي لا يعلم ان اول شهيد لثورة ايلول كان اشوريا واسمه اثنيئيل شليمون ومن قرية دوري في برواري بالا. ولا زال ابناءه مشتركين في هذا النضال المشترك سواء مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني او الحزب الشيوعي الكوردستاني. واذا سالهم السيد مندلاوي عن انتماءهم القومي لقالوا وبكل فخر انهم اشوريين. وهكذا الامر لاخوة الشهيدة ماركريت التي لقبت بجان داراك كوردستان، والشهيد البطل هرمز مالك جكو الذ كان قائدا لقوة اشورية متحالفة مع الثورة الكوردية وقتله الجيش السوري الذي دخل لدعم الجيش العراقي لاخماد ثورة ايلول. ان ابن اخاه موجود في دهوك ليذهب ويسأله عن انتماءه القومي؟ هل يعلم السيد مندلاوي ان الشهيد فرنسوا الحريري كان اشوريا ويفتخر باشوريته. وان لم يكن يصدقني فليذهب ويسأل ابنه الوزير السابق الاستاذ فوزي الحريري. وهل يعلم ان السيد ريبوار يلدا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني هو اشوري ويفتخر باشوريته. وهل يعلم ان هناك مئات الشهداء والمناضلين ممن شارك في ثورة ايلول او كولان من الاشوريين ولا يتسع المجال هنا لسرد كل اسماءهم. وهل يعلم ان كاتب هذه الاسطر كان عضوا في التجمع الديمقراطي الاشوري الذي كان احد الاحزاب المتحالفة مع الاحزاب المعارضة لنظام صدام حتى وقوع الانفال عام 1988؟
تاريخ شعبنا طويل ومر بمراحل وتعرض ايضا للتشويه. واليوم يريد السيد مندلاوي ان ياخذ ما يؤيد اعتقاده ومراميه منه. ولكنه تناسى ان الشعب الكوردي تعرض ويتعرض لمثل ما نتعرض له على يد كل متعصب ورافض للاخر وغير منصف. حينما اجادل بعض ابناء شعبنا بشأن الكورد يرمون في وجهي رابطا ل ما يسمى الكتاب الاسود الكوردي. لا بل يجادلني البعض بصيغة التي اكتبها للاسم الكوردي، فهل حقا ان الكورد او قياداتهم بهذا السؤ الذي يعرضه هذا الكتاب الاسود مثلا؟ وهل حقا ان الكورد ليسوا الا اتراك الجبل كما قال الاتراك لعقود طويلة؟
ليس لدي اي اعتراض لنشر الدراسات التاريخية والبحوث تتعلق بشعبنا الاشوري. ولكن الاعتماد على مصارد ايديولوجية اي بمعنى لاشخاص كانوا او هم منخرطين في حركات لا تؤمن بحق الاخر في الوجود. فهذا امر مثير للعجب من كاتب كوردي ويدعي النضال من اجل احقاق حقهم ومطلبهم المشروع. فالحسيني والدرة وطه باقر وسوسة واخيرا الدكتور المزيف الشماس كوركيس مردو وغيرهم ممن اوردتهم يناهضون وجود الكورد ايضا، انهم اناس كل شئ لدينم عروبي وعلى الجميع الاقرار بذلك.
مرة اخرى لن اجادل بتاريخية وجود الاشوريين الحاليين وعلاقتهم بالاشوريين القدامى لانه جدال مبتذل. كجدال وجود الكورد او عدم وجودهم. لا بل ان كل مطلع منصف للتاريخ سيجد في هذا التاريخ الالاف من الامثلة على وجودهم. سواء سموا نساطرة (النسطورية كلمة اطلقت على تابعي كنيسة المشرق التي كان مقرها في المدائن ومن ثم في بغدا وثم في اربيل والقوش، وهذه الكنيسة امتد نشاطها من اواسط الصين الى البحر الابيض المتوسط ومن تركستان الحالية الى المحيط الهندي وضمت ما يقارب الثمانين مليون شخص ابان عصر البطريرك مار طيماتيوس الاول الذي عاصر المهدي والهادي والرشيد من خلفاء العباسيين،وهذه الكنيسة ضمت شعوب مختلفة بالطبع) او اشوريين او سريان، حيث بعد المسيحية شاع استعمال تسمية السريان التي هي اصلا تحريف يوناني ل اسيريان.
الغاية من كل فعل من المفترض ان تكون لاجل زيادة الثروات وتطوير ممارسة الحقوق واحترام كرامة الانسان. اريد ان اناقش مدى معرفة السيد مندلاوي بحقيقة المجازر البشعة التي اقترفها كل من بدرخان بك ومحمد كور الراوندوزي. وهل كانت حقا في مسار خدمة الحركة القومية الكوردية، ام انها دخلت في خدمة الباب العالي وسياساته، ونتيجتها لم تكن الا سلب وقتل وسبي وسرقة. وقد قتل الاول ما يقارب العشر الاف اشوري والاخر اكثر من ذلك بكثير. هذا تاريخ وحدث ومسجل، لا يمكننا الاختلاف فيه وانما قد نختلف في مسبباته ودوافعه. ماذ سيكون موقف الاشوريين الذين ترفض وجودهم اصلا وهم واقع قائم بغض النظر عن رفضكم او عدمه. هل يمكنهم حقا ان يقبلوا ان يتم الاعتراف ببدرخان ومحمد كور كابطال، وعلام هذه البطولة؟ هل لانهم قتلوا وسبوا من بني جلدتنا كل هؤلاء الناس؟ يقال ان علي حسن المجيد قال لوفد الجبهة الكوردستانية الذي تفاوض مع الحكومة العراقية. عندما ذكروه بان 180 الف كوردي قد قتلوا في الانفال فقال يمعودين شدعوة، كلهم مئة الف، كم هو مؤلم مثل هذا الجواب اليس كذلك؟ وكان مائة الف ليست شيئا، ليست روحا، ليست بدنا، وكانها شئ اي شئ تافه!!! هل نبني لهذه الثقافة التي شرعها امثال على حسن المجيد ام نريد ان نبني لثقافة ترحب بالاخر وتمنحه المساحة التي يستحقها في الحياة العامة، ونرفض المساس بمشاعره واهانة كرامته.
لا اعلم ان كان السيد مندلاوي قد عاش في الغربة ام لا، لكي نقارن احتفاء الناس في الدول الديقراطية بالتعدد والتنوع ونحن نمتلكها تاريخيا ونريد فرض النوع الواحد اعتمادا على حقيقة القوة العددية والتي اتت نتيجة تعرض الطرف الاخر للمذابح المستمرة.
السيد مندلاوي يعيد ما بثته ونشرته الثقافة العروبية، من ان قيام العرب ضد العثمانيين ثورة ولكن فعل الاشوريين نفس الشئء هو تمرد او عض اليد التي احسنت اليهم؟ هل للسيد مندلاوي ان يفسر هذا التناقض المشين او الكيل بالمكياليين الواضح؟ بالتأكيد سيجد ذلك في المفهوم الاسلامي للسلطة وللامة، فالسلطة هي من الدين والارض والوطن هي للمسلمين والامة الاسلامية وما باقي الناس الا اهل الذمة في احسن الاحوال او كفار حينما يريد الحاكم؟ انهم من خلال هذه المقولة وهذا الكيل يقولون الا يكفيكم اننا تركناكم تعيشون في كنفنا، وكاننا كنا احياء فقط، ولمن نكن الكيس الذي تجبي السلطات منه اموالها، لاننا كنا الفئة المنتجة. السيد مندلاوي يكرر ذلك في عصر يقال لابناء الوطن، مواطنون. اننا مواطنون ويهددنا باطاعة القيادة الكوردستانية في زمن الديمقراطية والتعددية، وكان مفهوم المواطن والمعارض والمؤيد ينطبقان على الكورد فقط، اما الاخرين فعليهم الصمت والشكر الدائم لانهم لا يزالوان احياء.
29 تشرين12013 في صوت كوردستان
انقاذ المسبيات من الارهابيين ومن العادات
في تقرير نشرته ايلاف قبل بضعة ايام (الظاهر انه تم سحبه)، عن لسان ضابط في المخابرات الكوردية ، ان بعض زعماء الازيدية طالب القوات الكوردية بقصف السجون التي يعتقد ان الازيديات والمسيحيات المختطفات محجوزات فيها. لكي يتم القضاء عليهن ليتخلصوا من العار!!!! ولذا ارى انه من الضروري الاسراع في انقاذ المسبيات ومحاولة حمايتهن من المجرمين ومن المجتمع ومن ذواتهن ايضا. فحالة استعباد الانسان واستغلاله لم تعد مقبولة وغير اخلاقية البتة. انها قضية المجتمع كله، المجتمع الحي وليس المجتمع البليد الاحاسيس والذي يحاول التبرير. ان من اساسيات المجتمع الحي هو الحرية الفردية وتكريم انسانية الانسان. اننا في الوقت الذي نستصرخ الضمير الانساني ونطالب المجتمع الدولي لكي يكون عونا لنا في قضايانا التي نراها عادلة، نكون اول من يصم ضميره ويتجاوز على قوانين المجتمع الدولي او القانون الانساني او شرعة حقوق الانسان. ونجمل تجاوزنا واسكات ضميرنا بتبريرات هي من نوع العذر اقبح من الذنب. وكما تلاحظون اننا ندق ابواب المجتمع الدولي لانقاذنا من الدواعش، ولكننا نتحول الى دواعش ضد اناس ابرياء وضعهن حضهن العاثر في مثل هذا الموقف. او خلقهن حضهن العاثر من الاناث وليس من الرجال. باختصار يمكن القول ان المجتمع كله داعشي الهوى، فحتى الضحية يتحول الى ذئب مفترس، حينما يعتقد ان هناك من يلطخ سمعته او مكانته. فاليس طلبا غريبا ومشمئزا ان يطلب البعض بقتل بنات ونساء بريئات من كل جرم، كل ذنبهن انهن وقعن فريسة لجهة لا ترحم دموعهن وتوسلاتهن؟ ففي الوقت الذي تمكنت الحالة المدنية من شق طريقها بصعوبة ولكن باصرار في المجتمع العراقي منذ الخمسينات وحتى بداية الثمانينات. نرى تراجعا مرعبا في هذا الاتجاه والعودة الى العشائرية كقيمة وقانون للتحكم في مفاصل الحياة على مستوى العراق كله. ولقد كان من نتيجة هذا التراجع ان الاقليات والنساء كن اول الضحايا للقمع الاجتماعي المتزايد، والذي لا يمكن ان يؤدي الى اي ثورة، بل الى الكبت والانتحار التدريجي الداخلي كرد فعل صامت، نتيجة لتحالف رجال الدين والعشيرة وبعض السياسيين. ان لسبي النساء الازيديات والمسيحييات والشيعيات من قبل ما يسمى بدولة العراق الشام الاسلامية (داعش)، تداعيات لا تتعلق بهذه النساء فقط، بل بكل المجتمع، لان شرف الناس قد اهدر وهذا نتيجة لما ذكرناه اعلاه. اي العملية لن تؤخذ كحالة فردية متعلقة بمعاناة فرد ولن تؤخذ كحالة مرضية في المجتمع، بل ستؤخذ من ناحية مؤيدي داعش على اساس انتقام الاهي بلطخ شرف الاخرين. ومن جانب اهل الضحايا تلطيخ سمعة الاهل كلهم ولن يتم معالجة الامر الا بالتخلص من الضحية، وليس بمعاقبة الجناة. وامام هذه المعضلة او الدائرة المغلقة من العنف المتبادل. نوجه نداء حارا الى الفئة المثقفة في المجتمع الازيدي والمسيحي والشيعي التركماني، للارتقاء بالذات والعمل من اجل حماية الضحايا في حالة التمكن من انقاذهن من براثن مقاتلي داعش، والحماية تكون برعايتهن نفسيا ومعالجتهن صحيا وتوفير الاجواء اللازمة لكي يتمكن من الدخول الى المجتمع والعيش بنوع من الامان والاستقرار. ففي الوقت ونتيجة للتطوارت التي لحقت بالمجتمع المسيحي، سيتمكن المجتمع المسيحيمن احتضان بناتهن بصورة اسهل وان كن سيعانين داخليا وسيبقين منبوذات نوعا ما لذنب لم يقترفوه. فان الصعوبة الكبرى ستكون مع النساء والفتيات المسلمات والازيديات وذلك نتيجة لترسخ ثقافة العشيرة والثقافة الدينية التي تتعامل مع المراة كحالة مثيرة للشك.
باعتقادي ان اول الخطوات اللازمة لمعالجة وانقاذ الضحايا هي حمايتهن الجسدية من اي اعتداء يمكن ان يلحقهن من الاقرباء، بحجة غسل العار. والخطوة التالية وهي مهمة توفير ملاذ امن لهن في دول يمكن ان تمنح لهن لجوءا انسانيا ومجتمع مهاجر من نفس الدين او الثقافة يمكن ان يتقبلهن بسرعة وبدون عقد. وهذه الحلول لن تكون سهلة لو لم تتضافر الجهود كلها لاجل انقاذهن ولاجل اعطاء انطباع ان الجميع حينما يطلبون عون المجتمع الدولي يحاولون ان يسيروا بقوانينه وليس في حالة الاعتداء عليهم يصرخون طلبا للنجدة ولكن حينما يعتدون هم على الاخرين او اطراف ضعيفة في مجتمعهم يتعللون باسباب دينية وعادات عشائرية.
أربعاء, 27 آب/أغسطس 2014 16:17
نشرت في صوت كوردستان
أما آن الاوان لغلق هذا الملف يا حكومة اقليم كوردستان؟
إن أساس بناء الدولة القوية والمحترمة، هو تحقق العدالة. فان انتفت العدالة، سمح لايادي التخريب ان تعمل عملها باستغلال الشعور بالظلم، وخصوصا ان ارتبط بالتمايز القومي او الديني. ورغم ان اقليم كوردستان العراق ليس بدولة مستقلة، الا ان ما يديره هو جهاز الدولة، بكل ما تمتلكه، من السلطات القضائية او التشريعية او التنفيذية. والافراد ممن يتباؤون مناصبهم في هذه السلطات موكولون لادارة شؤون المواطنين بالعدل وبلا اي تمييز. ولذا فانهم يستلمون امتيازاتهم الخاصة بما فيها رواتبهم من ضرائب المباشرة او غير ال مباشرة التي تستوفي من المواطنين جميعا. اي انهم (المسؤولون) موكولون بواجب من قبل الشعب، وهذا هو دور الانتخابات، تجديد التوكيل. ولكن ان انتفت العدالة في اي ممارسة، يستوجب اخلاقيا، ان يتنازل القائم بالمهام عن مهمته ليأتي غيره.
يعاني الكثير من المواطنيين في الاقليم من ظاهرة التجاوز على ممتلكاتهم من قبل اشخاص. يمتلكون قوة في السلطة او دعم خفي فيها، بحيث ان البعض منهم يتمكن من التملص حتى من قرارات صادرة عن القضاء, وهذه الخالة تعتبر قمة الاستهتار بالوطن والمواطن، حينما لا يحترم قرار قضائي. وباعتقادي ان التجاوز يطال الكثير من السكان ممن ليست لديهم باعتقاد المتجاوز تلك القوة لردعه. لان المتجاوز هنا لا يفهم بقوة القانون، بل بالقوة المجردة والمتأتية من منصب او ثروة. ولكن ان اقترن التجاوز على الاملاك باستغلال ضعف طرف لكونه من المكونات الغير الكوردية، او الغير الاسلامية، فهنا سيكون الالم والضرر اكثر واقدر على ان يتم استغلاله، لاشغال معول هدم مشروع الدولة العادلة، وبالتالي خلق بؤر توتر دائم يتطلع لمساعدة الاخرين لتهدئته.
قد ينظر البعض بعين الاستصغار، لمواطن من المكونات. لا بل ان البعض من خلال التجاوز ووضع اليد مقدما ينمي النفس بهجرة ابناء المكونات ومن ثم سيكون هناك امر واقع اخر. هذا قد يكون تفكير بعض الاطراف في مفاصل السلطة من المواقع الدنيا. ولكن على القيادات التنفيذية والتشريعية والثقافية ان تنتبه لمثل هذه الافكار المدمرة لتكوين المجتمع. صحيح انه لم يتم لحد الان القيام بدراسة اجتماعية وسياسية وثقافية لما آل اليه وضع العراق نتيجة اخراج اليهود منه. ولكن لو نظرنا الى ما آل اليه الوضع نتيجة اخراج عشرات الالاف من الشيعة الفيلية والشيعة الاخرين والكورد والاشورييون ممن اتهموا بانهم ليسوا عراقيين او تبعية. لادركنا التخريب الوطني والشرخ الذي من الصعوبة ان يندمل. فبعض من ابنا واحفاد من قامت حكومات البعث بطردهم منذ اوائل السبعينيات القرن الماضي واستولت على ممتلكاتهم. عادوا لوطنهم ولاسترجاع ممتلكاتهم التي سلبت منهم. ولكن الكثير منهم رجعوا بخفي حنين، بالاظىافة ان الكثيرين في الوطن اعتبروهم غرباء. وهناك كم هائل من الدعاوي والعداوات التي نشأت نتيجة ذلك. هذا يمكن ملاحظته بنظرة مبسطة، فكيف لو عملنا دراسة علمية على تاثيرات الامر على واقع الوطن من كل جوانبه؟ من هنا نحذر القيادات التنفيذية والتشريعية من اخذ الامر بالسهولة التي يتبين عليها، ونقول للمثقفين ان ياخذوا دورهم لكي يبينوا ماذا يعني ذلك.
في فترة ما راجت ومن خلال الحوارات الثنائية. محاولة لادخال مسألة التجاوز في اطار الصراع الحزبي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني. او بينهما وبين الاسلاميين، بمعنى ان اي طرف لا يريد ان ياخذ خطوات تصعيدية تجاه هذه الامور وعلى الجميع الصبر. لكي لا تقوم عشيرة المتجاوز بالميل الى الطرف المنافس، ويخسرون السلطة، وكان تبريرا مقنعا لحين، ولكن السؤال الى متى؟
قد يعتقد بعض الاطراف ان مثل هذه المواضيع التي ينظرون الهيا باستصغار، لا تهم احد. ولن يستمع الى صرخة المظلوم ابدا. وقد يكونون محقين في ان عدم الانصاف لن يزول من مظلوم ما. ولكنهم يخطأون في ان الكثير من الدول لا تستغل مثل هذه الملفات في فرض الكثير من القرارات التي قد تلغي سيادة البلد اصلا، ومنها هز السلطة القضائية التي يجب ان يشعر كل المواطنين انها هناك لحمايتهم. وقد لا تثير الكثير من الدول مثل هذه التجاوزات علنا، الا انها تستغلها احسن استغلال في جلسات التفاوض وخصوصا اللقاءات الفردية بين الزعماء. ومن هنا فان الكثير من الدول والتي تتفاخر بان نظامها القضائي مستقل هي كاذبة. تقوم بتكذيب نفسها وتلحس قرارات القضاء وتلغي استقلاليته بقرار من رئيس السلطة التنفيذية (في الغالب الرئيس، لانه وجه بحقائق ما يحدث حقيقة. ومن هذه النقطة والممارسة التي يعتقدها البعض غير مرئية يمكن ان يبداء مشروع انشاء الدولة الفاشلة ومسلسل التراجع والتخبط وهز الثقة بالسلطة والاقتصاد!
صار من الواضح ان تعلل البعض بان الاشوريون (المسيحيين) يضخمون الامور، والتجاوز لا يشكل 53 قرية كما يدعون. انه تبرير سمج ومؤلم للضحية لانه يقر بالتجاوز ولكنه يقلل من شأنه. لنفترض انها ليست 53 قرية بل هي اربعون، فهل يتغيير المفهوم الاخلاقي للتجاوز؟، ولنفترض انه ليس هناك عشرات القرارات الصادرة من القضاء برفع التجاوز بل هناك قرارات عديدة، فهل هذا لا يعني ان السلطة القضائية فقدت هيبتها؟
بات من المهم لحكومة الاقليم حل مثل هذه الامور، ان كانت ترى ان امامها مهام اخرى لترسيخ الحقوق والوضع وتطويره. وقد يكون احد الحلول، بالاقرار التام بكل تجاوز واذا كان يؤثر على المتجاوز ماديا او اجتماعيا فيجب رفعه فورا. اما اذا امكن وضع الامور انه بدلا من بقاء الارض بورا في حالة عدم وجود من يستغلها. فيفضل ان يستغلها اي مواطن في انتاج المنتوجات الزراعية لحين عوده صاحب الارض او الملك المتجاوز عليه. وان على المتجاوز اقرار بانه لن يقوم باي تغيير في الملكية سواء بالزرع او بالقطع او البناء. وانه سيترك الارض او البناء حال عودة صاحبها او احد من ورثته، في مدة اقصاها انتهاء الموسم الزراعي او ثلاثة اشهر للبناء. فاعتقد ان الذي يتم التجاوز على اراضيهم سيكونون مطمئنين ان ارضهم ستعاد لهم وان الارض لن تبقى بورا بل سترفد الاقتصاد بالناتج.
في كل المنطقة من لبنان الى ايران تقريبا، هناك قرى خاصة بكل مكون رغم تجاورها، وخلال الفترة الممتدة من عام 1961 وقبلها في بعض الاحيان، تم الاستيلاء على قرى بكاملها، كان يمتلكها ابناء شعبنا في العراق، نتيجة مسلسل الحروب والثورات، ونعتقد جازمين انه من حقهم اعادة املاكهم التي فرض عليهم تركها. ونعتقد بان المقترح اعلاه قد يكون حلا وخصوصا ان ضمن قضائيا اي صار قانونا ملزما للجميع ولكل الحكومات المتعاقبة التي ستحكم الاقليم. وقد يكون مخرجا للكثير من القضايا التي تثار وستثار على مستوى العراق كله نتيجة حملة التهجيرات التي حدثت فيه.
22 حزيران 2015 ايلاف
حكومة إقليم كوردستان والاشوريون الى اين؟
امراة اشورية تجادل احد افراد البشمركة في سيطرة أربيل للسماح لها بالدخول والمشاركة في مظاهرة تنديدا بالتجاوزات
ان لم يكن للاشوريين قوة عسكرية متمكنة، فبالتاكيد، لديهم صوتهم الذي يمكن ان يصل الى ابعاد كثيرة، ويشوه ادعاات البعض بالديمقراطية والتعددية والعيش المشترك. وهذا الصوت يمكن ان ينبع حتى من قبل اخوة كورد لا يرتضون هذه الممارسات المزدوجة والمزرية في ان. فبالرغم من ان أي اشوري لم يثبت انه اعتدى او اجرم او تجاوز على ممتلكات جيرانه الكورد، الا ان التساؤل المثير، والذي يطرح نفسه، هو ماذا لو كان الاشوري هو القاتل وماذا لو كان الاشوري هو المعتدي او المتجاوز.
لست ممن يثير المواجع، ولكن الظرف يفرض نفسه، ففي تسعينيات القرن الماضي وفي حادثة دفاع عن النفس والدفاع عن الممتلكات، قام الراعي ادور بقتل لص وكان كورديا حاول واخرين معه الاستيلاء على قطيع المرحوم ادور، وذهب وسلم نفسه الى مركز الشرطة موضحا حيثيات القضية. وتم حبسة ولكن أبناء قرية القتيل اقتحموا السجن واخرجوا ادور ومثلوا به قتلا بالفوؤس. ولازالت تداعيات مقتل هلين ساوا تتردد بين حين واخر وحادثة مقتل العائلة في شقلاوة بدون وجه حق. ان كان في القتل حقا أصلا. اما عن العشرات من حالات التجاوز على الممتلكات والتي تسكت عنها السلطات المختصة واخرها حادثة منطقة نهلة، حيث اقرت جميع الجهات التي لجاء اليها أبناء المنطقة باحقيتهم في ملكية الأرضية ولكن المتجاوز ورغم عن الكل، بنى دراه وأول الامس قام بصب السقف الكونكريتي. والحكومة ساكته وصامته، وكانه يكفيها هذا الانتصار انتصار (بوسلمان على الفلاه) لكي تسكت الجماهير الغاضبة على سؤ الإدارة والرواتب المتاخرة ان أتت أصلا.
نحاول في كل ما ننشره ان نكون موضوعيين ومنصفين، وان نراعي الظروف الخارجية والداخلية لحكومة الإقليم،لكن الظاهر ان كل ذلك لا يفيد. فالمطلوب اشوريا الانبطاح وتقديم ولاء الشكر ليل نهار لقبول جيراننا ان نعيش معهم.
منذ خمسة وعشرون سنة، لا تزال حكومة الإقليم وبرغم الحكومات المتعاقبة والمتتالية التي تولت إلادارة في الإقليم، تعيش هاجس الانقسام الداخلي وإمكانية ان تسحب العشيرة الفلانية تاييدها للحزب القائم وتنقل البندقية من هذا الكتف الى الاخر. وعلى الاشوريين ان يدفعوا الضريبة وان يصبروا وان يتقبلوا الصفعات واللعنات والمسبات والاهانات والتجاوزات، لخاطر عيون الحكومة العتيدة، ولا اعرف لماذا، هل لان لنا صبر وجلد يتحمل الضربات؟
بالأمس وبعد ان تجاوز المتجاوز كل قرارات الحكومة ونصائح الخيرين، وقام بمد سقف الاسمنتي لداره المقامة على مملتكات مواطن اشوري، طفح الكيل. والكيل الاشوري وان طفح فهو خفيف ولا يحدث زوابع ولا سيول ولكنه يقول. وقرروا ان يتظاهروا امام برلمان إقليم كوردستان، بضع مئات من الأشخاص من المختارين، وكانت ردة فعل الحكومة منعهم من دخول أربيل أصلا. يعني حتى الصوت الاشوري ممنوع من الارتفاع ومن الانين للوجع، وعلينا السكوت وتقبيل الايادي التي تكرمت ومنحت لنا حق الحياة.
المسألة ليست اول حادثة، بل هناك الكثير من الحوادث المماثلة والتي حتى المحاكم فصلت فيها، لصالح الاشوريين ولكن التنفيذ متوقف لان المتجاوز او المخطئ يحضى بدعم حزبي او حكومي. والدعم مبني على أسس دينية او قومية او نتيجة قرابات عائلية. خمسة وعشرون سنة والحكومات المتتالية لم تحاول ان تبني مجتمعا مدنيا، ومجتمعا يقر بحق المواطن أي كان دينه او منبته القومي او العشائري. مجتمعا يكون القانون فوق الكل. بل لازال القانون فوق الضعيف ولازالت القوى العشائرية متنفذة وقادرة على فرض ارادتها. ان أولى أسس بناء الوطن، هل العدالة والكرامة، ونأسف ان قلنا ان الاشوريون لا يشعرون في الإقليم باي عدالة ولا باي كرامة. فهل تصل رسالتنا لحكومة الإقليم ام ان زمن الرسائل بات متاخرا جدا.
قضية نهلة مثالا على التسويف
تقول المادة 1218 من القانون المدني العراقي الصادر في عام 1951 ((مادة 1218
1 – اذا حاز احد ارضاً اميرية غير مسجلة في دائرة التسجيل العقاري باعتباره متصرفاً فيها، فلا تسمع عليه عند الانكار دعوى حق التصرف من شخص آخر، اذا انقضت عشر سنوات متواليات على حيازة المدعى عليه ولم يكن لدى المدعي عذر شرعي يمنعه من رفع الدعوى.
2 – وتطبق احكام التقادم المنصوص عليها في حق الملكية مع عدم الاخلال بأحكام الفقرة السابقة.))
وتقول الفقرات رابعا من المادة الثالثة من الفصل الثاني ما يلي (( منع أي تصرف أو أية سياسات سلبية من شأنها تغيير الأوضاع الأصلية للمناطق التي يسكنها مكون معين، ومنع كل تملّك يهدف أو يؤدي إلى التغيير الديموغرافي للطابع التاريخي والحضاري لمنطقة معينة لأي سبب كان وتحت أي ذريعة كانت)).
- في المادة 3 الفقرة خامسا جاء (( معالجة التجاوزات الحاصلة على مناطق أي مكون وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حصول التجاوز، وإزالة الآثار والمخلفات التي أدت أو تؤدي إلى التغيير الديموغرافي أو تعويضهم في حالة استحالة إعادة الحال إلى ما كان عليه)).
وأبناء نهلة الاشورييون، لم ينقض عشر سنوات متتاليات بل اكثر من ذلك بعدة مرات، ونهلة ليست الوحيدة بل هي النموذج، للاستقواء والفرض بالرغم عن القانون، لحد ان ممثلة شعبنا الاشوري الكلداني السرياني في لجنة صياغة الدستور الدكتورة منى ياقو، وهي شخصية حازت على تقدير الكثير من أبناء شعبنا لمواقفها المستقلة والمعبرة عن الوضع، قالت يا ريت لم يكن هناك قانون حماية المكونات في إقليم كوردستان. لانه صار كيافطة يرفعها المراقبون امامنا ليدللوا على مدى الحقوق التي نتمتع بها في حين ان القانون هو حبر على ورق ليس الا.
عندما سكن الاشوريين هذه البقعة، وهي كانت او صارت من ممتلكات الدولة العراقية الناشئة. اعتبرت هذه المناطق أراض اميرية، وكانت بور ولم يزرعها اويستفد منها احد. وخصوصا ان العشائر الكوردية، في الغالب كانت تستنكف من العمل الزراعي، وتعتبره نقيصة. وكانت حينها العشائر تعيش حياتها في الرعي وقانونها في السلب. لقد عمر الاشوريين هذه المناطق، فبالاضافة الى الرعي تمكن المزراع الاشوري من تحويل المنطقة الموبؤة بالملاريا لكونها تحوي الكثير من المستنقعات. الى منطقة زراعية تنتج الرز والمنتوجات الزراعية الأخرى. وبعد كل هذه السنين يحاول البعض الاستيلاء على ارضهم وجهدهم متناسين ان إقليم كوردستان ليس موطنا للكورد كما يرددون بل هو موطن كل أبناء الإقليم بدون أي فرق.
ان الدفاع عن الإقليم، هو بالضرورة الدفاع عن كل مكوناته، وهذا واجبنا كلنا، ولكن عندما يشكو مكون كامل من حملة الاستقواء والتعدي، فهذا يعني ان هناك نخر واضح في تكوين وحدة الصف وبالتالي منح الفرصة للايادي لكي تتدخل او طلب من الايادي لكي تتدخل لإنقاذ او لدعم من يشعر بانه بات وحيدا امام قوى لا ترحم ولا تراعي حتى القوانين التي وافقت عليها. ان مداخلة الأستاذ جعفر ئيمنكي نائب رئيس برلمان إقليم كوردستان، ورغم اعتراضنا على محاولة تحويل القضية الى قضية طائفية دينية. فان في الكثير مما كتبه حقائق يجب ان نتحملها نحن الاشوريون لأننا لم نتمكن من ان نعالج مشاكلنا في اطار مصلحة شعبنا كاولية. فعملية تفقيس الكيانات السياسية ولاجل مطامع انية، وعملية الاستعانة بالاخر لكي يتم الحصول على مقعد في برلمان. ليس لكي يدافع عن حقوق شعبنا، بل لكي يتمتع بامتيازات الكرسي. قد قزمت شعبنا وحقوقه وتمكن الاخر من التلاعب بنا كيفما شاء. ان البعض من أبناء شعبنا يرى الأمور من منظار المسيحاني، او العدالة المطلقة. فهو يعتقد بما ان ما يطالب به هو عدل فهو ليس بحاجة الى أدوات وهيئات للتطالب به. بل يجب ان يتمتع به لانه فقط عدل. متناسيا ان السياسية هي لعبة المصالح ومن لم يتمكن من ان يستحوذ على القوة لكي يفرض مصالحه ورؤيته، فان الاخرين سينسونه في خضم الصراعات التي يدخلوها لتحقيق مصالحهم هم. من هنا بات على أبناء شعبنا ان يفهموا انهم يجب ان يدعموا العمل السياسي الاشوري والانتماء اليه. في نفس الوقت الذي يمكنهم فيه انتقاد السلبيات وهي كثيرة. ودعم فرص البقاء على الأرض والنضال منها لتحقيق كل المطالب السياسية والاقتصادية. وعليهم عدم الانجرار وراء الشعارات الغوغائية، فنحن والكورد وغيرنا سنبقي جيرانا وعلينا ان نتعلم كيف نتعايش كمواطنين متساويين، وليس كاعداء ينتظر أي منا الفرصة التي تتوفر له لكي ينقض على غريمه.
ولكن لنتسأل الى متى يمكن للاشورييون ان يصبروا؟ وهم يرون كل من هب ودب يمكنه ان يستقوى عليهم فقط لانهم بنظره ضعفاء، لانهم لا يمتلكون عشائر مسلحة تقف خلفهم، او لانهم لا يمتلكون حزبا سياسيا قويا يساندهم. فهم ونتيجة لتغييرات اجتماعية حدثت في المجتمع الاشوري، يتطلعلون الى الحالة المدنية كضمانة للجميع. بمعنى انهم يتطلعون الى دولة قانون تحمي الناس من الجور والظلم. دولة يلجأون اليها في حالة شعروا باي تجاوز بحقهم. فأي مفتي في أي جامع مصاب بهوس الكفار وهوس فرض قوانينه المستمدة من شريعته يمكن ان يفتي ويهيج الجماهير لكي تهاجم مصالح الناس. وهذا حدث بحق الاشوريون والازيدية مرارا. واي مفتي يمكنه ان يهيج الناس لكي تقوم بالانتقام من شخص وخصوصا ان كان مسيحيا او ازيديا. ويدفع الناس للقيام بذلك، وهذا أيضا حدث مرارا. السؤال يبقى الى متى؟ الم تكفي خمسة وعشرون سنة لفرض القانون على الناس؟ وهل على الاشوريون ان يدفعوا الضرائب المتتالية من كرامتهم؟ بسبب الانقسام السلطوي ورغبة بعض الأطراف عدم اغضاب العشائر ورجال الدين. انه سؤال الإقليم ومستقبله وليس سؤال الاشورييون فقط. ولكن لان الاشوريين حلقة ضعيفة لاسباب باتت معروفة، فهم يتحملون وزر هذا الواقع المغايير لتطلعات أبناء الإقليم الواعيين بمتطلبات قيام إدارة قوية يمكنها التباهي بانها أتت لخدمة مواطنيها. ما دور القوانين ان لم تطبق، هل هي للزينة ام للتباهي بها امام المنظمات الدولية.
اننا امام حالة غريبة وعجيبة، فالذي يضع قانون بالتأكيد يدرك الأسباب الموجبة له، وبالتاكيد يدرك ابعاده، وهو هنا تحقيق العدالة للمكونات، والتعامل معها كحالة تغني المجتمع تدعم تنوعه، ولكن في الواقع نرى انه رغم هذا الفهم المفترض، فانه على الأرض يحدث عكسه، مما يدفعنا لكي نشكك أصلا في المغزى من قانون حماية المكونات أصلا. واعتباره يافطة للتجارة وليس للتطبيق.
يبرر ستافورد مفتش وزراة الداخلية العراقية في الثلاثينيات من القرن الماضي، أسباب غبن الاشوريين وعدم إيلاء قضيتهم الاهتمام الذي تستحقها، بان الاشوريين لم يفهموا حالة الاجهاد الذي أصاب بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، مما لم يسمح لها بالاهتمام بهم وبتحقيق مطالبهم المحقة والتي تم وعدهم بها. أي تحميلهم المسؤولية. وهنا هل سياتي يوم ويقول لنا احد الكتاب من الاخوة الكورد، ان الاشوريين لم يفهموا الاجهاد الذي عاناه الكورد نيتجة صراعهم مع المركز، والصراع الداخلي على السلطة. وهل بالتالي علينا ان كاشوريين ان ننتظر حالة تتمتع بها كل القوى على الأرض بالاجواء الرائقة والمحملة بكل الامال والسلام والتقدم والرقي وضمانات ذلك، لكي تتكرم حينها وتنظر في مطالب الاشوريين في توفير حقوقهم الطبيعية بالتمتع بممتلكاتهم ومنتجاتهم، ومنتجات ممتلكاتهم هي بالأساس رفد للاقتصاد الإقليم.
أين المشاركة في زيارة مسعود برزاني لبغداد؟
قام الأستاذ مسعود برزاني في 29 أيلول بزيارة الى بغداد، بعد غياب دام اكثر من ثلاثة سنوات بسبب خلافات مع السيد نوري المالكي، حول الأمور السياسية وبالأخص العلاقة بين إقليم كوردستان وبغداد. وقام بالزيارة مستصحبا معه وفدا كبيرا يمثل توجهات سياسية متعددة ومنها ممثلي عن الاتحاد الوطني الكوردستاني والاتحاد الإسلامي والحزب الاشتراكي الكوردستاني والسيد فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كوردستان.
مجتمع إقليم كوردستان، مجتمع متعدد، ليس حزبيا وعشائريا ومناطقيا، فقط، بل قوميا ودينيا، ولخلق مجتمع متكافئ قادر على مواجهة المعيقات والتحديات، يجب ان تشعر كل مكونات هذا المجتمع او الشعب، انها جزء من القرار، انها تشارك في بناء المصير والمستقبل، وليس هناك من يحدد ما يجب وما لا يجب، وعلى الاخرين تلقف النتائج. ان أي قرار تتخذه رئاسة الإقليم او رئاسة الوزراء، يتعلق بمجموع كل أبناء الشعب. وهنا اليس من اللازم اشعار الجميع انهم جزء من القرار؟
لم تخلق السياسة كفن او كعلم الا لكي تحل الإشكالات الناتجة عن الشعور بالغبن او عدم الثقة. ولكن ما يحز في النفس حقا، انه رغم كل ما يقال عن المشاركة والاخوة وان فلان اصل العراق، الا انه في اللحظات الأساسية والمفصلية، يتم نسيان المشاركة والاخوة ويتم تهميش اصل العراق او اصل المنطقة.
بالأمس كان الأستاذ مسعود برزاني رئيس إقليم كوردستان، في زيارة لبغداد، واصطحب معه وفدا، كاد ان يمثل كل ألاطياف السياسية للاخوة الكورد في إقليم كوردستان، وهي لفتة ذكية، تجاه المقابل الذي يراد التفاوض معه. انه رسالة تقول ان جل الأحزاب متفقة في الملفات التي لا تتعلق بالصراع السياسي في الإقليم. ولكن لنا حق التساؤل الم تكن تلك الرسالة اقوى واكثر تاثيرا، لو تم إضافة عضو اشوري وايزيدي الى الوفد؟ الم تكن تمنح المزيد من التأكيد على الرسالة المار ذكرها؟ ليس هذا ولكن الأهم رسالة داخلية، خاصة بالاقليم، وتقرن القول بالفعل، مضمونها انتم حقا شركاء، ليس في ما يتحملة الإقليم من الخسائر والويلات، ولكن الأهم في القرار، في معرفة خلفيات ما يحدث، لكي تنقلوا الصورة الى من تمثلونهم او الى شعبكم.
لا احد يمكن ان ينكر ان ما يتمخض او تمخض عن هذه المفاوضات، سيكون متعلقا، بالخلافات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الدعوة باجنحته المتعددة. ودليلنا ان الرئس مسعود اصطحب حتى بعض معارضيه ضمن الوفد. ولان الوفد لم يذهب للتكلم باسم الكورد مع العرب، بل ليتحدث باسم الإقليم مع بغداد، فان كل النتائج سلبا وايجابا ونحن نتمنى ان تكون كلها إيجابية للجميع، سيتحمل كل فرد في الاقليم نتائجها الاقتصادية او السياسية او أحيانا حتى الثقافية.
من هنا نحن نرى ان عدم تمثيل أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في الوفد، قصورا، لا بل تجاوزا لكل ما يقال عن الشراكة. لا بل انه تهميش واهمال للمخاوف المستقبلية التي يعيشها شعبنا. ان إزالة أسباب عدم الثقة يتطلب وضع مخارج سياسية مقبولة، فان ادعاء أي طرف بانه يعمل للمصلحة العليا، قد لايعني ذلك حقا، فالمصلحة العليا او مصلحة الجميع يجب ان يتشارك الجميع في تحديدها. وهنا نحن لا نحاول ان نشكك في النيات، قد تكون النيات طيبة وفي الغالب هي كذلك. ولكن العمل السياسي لم يبنى ابدا على النيات، بل على الثقة. ولكي تكون كل الأطراف المشككة او التي تشعر بانها مهمشة حقا من القرار الخاص بمستقبلها وبموطنيها، كان المخرج الوحيد هو مشاركة ممثلين عنها في الحوارات السياسة المؤدية الى وضع التطلعات وتحديد الأوليات والرقابة على الممارسات والمفاوصات المصيرية. وهذا ما لم نجده في الوفد المشارك مع سيادة الأستاذ مسعود برزاني، والذي تحدث عن الكثير من الأمور التي كان يجب ان يكون لشعبنا راي فيها، لانه جزء من الإقليم وجزء من العراق ككل ايضا.
03.10.2016 ايلاف
ألم يحن الأوان للإصلاح في إقليم كردستان العراق؟
قد تكون بعض الانتكاسات ضرورية، لكي نتعلم ونصحح او حتى نبدأ بإعادة البناء. وباعتقادي ان الكثير من الامم استفادت من نكستها، لكي تعيد صياغة واقعها وتدعمه وتمنحه عوامل القوة التي تجعله يتطور ويأخذ حالة مستقبلية فعالة.
ان الهالة التي يتم منحها لكلمة الاستقلال، باعتقادي اكثر مما تستحقه، فالاستقلال، ليس علما ونشيدا وتمثيلا في المحافل الدولية. إن الاستقلال الحقيقي هو الخبز والأمان والصحة والتعليم والمسكن. انه الشعور حقا بان الإنسان مشارك في المسار الإنساني بدور إيجابي. ويعلم الجميع ان هناك الكثير من الدول، اسمها مستقلة، ولها علمها وسفاراتها وممثليها، ولكنها مرهونة لدول اخرى، ومشاركتها هي صدى لمن رهنت نفسها. من اجل إتمام مستلزمات او أبهة الاستقلال الكاذبة.
اذا هذا الوله الكاذب بالاستقلال، ليس الطريق الوحيد لتحقيق التمتع بالحقوق. بل يمكن ان يتم ذلك من خلال الدولة الواحدة، العراق كمثال، ولكن ليس العراق الحالي، بل عراق كل مواطنيه، عراق الفاعل والقادر على بناء محيط يعمه السلام وتتبادل اطرافه المنافع الاقتصادي والثقافية والتواصل الانساني. وليس العراق المرهون لأيديولوجية قومية احادية، بحجة الاكثرية. فالكثير من الدول عندما وجدت عدم قدرتها على مواجهة التحديات التي يفرضها العصر، عملت من اجل توحيد جهودها للدخول الى العصر القادم بقوة وبقدرات اكبر واكثر. وهذا التوحيد، تطلب التنازل عن صلاحيات معينة لصالح هيئة لا وطنية اعلى، كما هو حال اوربا.
كوردستانيا، ورغم التقدير الذي حضت به تجربة إقليم كوردستان، واختراقها الكثير من المحاذير الإقليمية ومشاركتها في التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، كطرف فاعل ومؤثر، وما انجزته في مجال التنمية والبنية التحتية، الا ان كل ذلك يمكن ان يذهب في مهب الريح، جراء خطوات خاطئة وغير محسوبة تقترفها القيادة السياسية للاقليم. ولعل تجربة العراق وسوريا والكثير من دول المنطقة، والتي تمكنت ان تخطوا خطوات معينة في مجال التنمية الاقتصادية والبنية التحتية، قد تكون خير مثال لما يمكن لمثل هذه التجارب الناجحة ان تؤدي الى خطوات غير محسوبة تغيير الاتجاه الى التدمير الذاتي، جراء حسابات خاطئة. وعدم القدرة على بناء قاعدة واسعة من ابناء الشعب ممن تساهم في القرار، هذه القاعدة المستندة الى العلم والمعلومات والبنية المؤسساتية. على المستوى الشعبي تدرك القيادة السياسية ان هناك تساؤل واسع عن مبرر ان تكون عوائل معينة هي التي تمسك بالقرار السياسي والامني والعسكري؟ ليس في الاقليم فقط بل في الحزبين الكبيرين، اي الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكودرستاني. والتساؤل ليس موجها لقيادات بعينها، فالكل يدرك مكانة ودور كل من الاستاذ مسعود البرزاني والمرحوم جلال الطالباني. ولكن التساؤل المحق يرمي الى صلب المسائل الحقيقية، وهي اين مشاركة الشعب اذا؟ وهل يخرج الشعب من سلطة وضغط السلطة الصدامية ليدخل تحت سلطة اخرى توجهه لحساب مراميها الخاصة؟ وان غلفتها بالشعارات القومية. واذا كان هذا هو الشعور العام لدى الجماهير الكوردية، فسندرك حتما عمق الصدمة لدى ابناء المكونات الاخرى ممن همشوا من اي دور في القرار السياسي والامني والاعلامي. لا بل تم التجاوز على الكثير من حقوق هذه المكونات الانسانية في تحقيق العدالة، لرغبة الاطراف المتصارعة في الاقليم للاحتفاظ بحلفاءها مهما كان الثمن وكان في الغالب هو التستر على تجاوز هؤلاء الحلفاء بحق المكونات الغير الكوردية وبالاخص الاشوريين.
لقد ناقشنا الكثير من الامور والقضايا الخاصة بالاقليم ، وحاولنا تسليط الضوء على ما كنا نراه خاطئا، وحاولنا غض النظر عن بعض الامور، لاعتقادنا ان حالة الصراع مع اطراف مختلفة، تتطلب احيانا السكوت لحين تحقيق حالة من الاستقرار. الا انه بات من الضروري الإدراك ان عدم القدرة على بناء حالة وطنية في اقليم كوردستان، بمعنى اشعار الجميع ان الاقليم ومستقبله هو لكل أبناءه وهو ليس ملكا لمجموعة او لحزب او لقومية معينة. وستتولد هذه الحالة، من خلال اعادة النظر في اسلوب التعامل والمشاركة في القرار. وان تكون هذه المشاركة فعالة وحرة وقادرة على الفعل. فأن النتيجة ستكون مأساوية اكثر مما هو الان، وهذا ما لا نتمناه لوطننا.
باعتقادي انه بات من الضروري ان يتم ايلاء قضية الخلاف بين البهدينان والسوران اهمية اكبر من خلال منح كل طرف ما يعزز ايمانه بانه يقوم بدور وليس مستلب لصالح طرف اخر. وهذا الامر يتطلب مؤسسات حرة ممولة من الحكومة ولها قوانين وطنية وليس اقليمية. بمعنى ليس شرطا فرض شروط لصهر الطرفين. بل يمكن لمنح المجال للطرفين للتطور ضمن الحالة الكوردستانية وخصوصا ان تاثيرات الحالة تنتقل من الجانب الثقافي الى السياسي. وان تطلب الامر اعادة النظر بشكل الاقليم وهيكليته. كما انه بات من الضروري مشاركة المواطنين ذوي الكفاءة بتحمل مسؤلياتهم الوطنية. في اتخاذ القرار وتنفيذه. فالمسؤولية الوطنية ليس من شيم او حق اطراف محددة تنحصر بابناء قيادات او ابناء عشائر معينة. اعادة الاعتبار للمواطنة وجعل القانون حقا فوق الجميع ومسنود بقوة تتمكن من تنفيذ ما تقرره المحاكم المستقلة والتي لا تخضع الا للقانون وتفسيراته.
اذا كنا ننادي بان العراق هو لكل ابناءه، وكفى من تحويله الى وسيلة لتحقيق اهداف ايديولوجيات معينة. اي ان على العراقيين ان يكفوا عن دعم القضايا التي لا يتفق عليها العراقيين كاهداف وطنية، والتي تاتي من خلال تبيان دور كل المكونات. فانه من الضروري الان ان يدرك الكورد ايضا ان اقليم كوردستان هو لكل ابناءه. واذا كان من حق الكورد التعاطف مع اخوتهم في البلدان الاخرى. فانه ليس من حقهم تحويل الاقليم الى مرتع او موقع للاضرار بالبلدان المجاورة ودعم حركات او احداث تغييرات في بنية هذه الدول. فاقليم كوردستان يجب ان يبني سياسته على امرين، انه جزء من العراق، والعراق ملزم بعدم التدخل في شؤون البلدان الاخرى بما فيها البلدان العربية. وان فيه مكونات لها تطلعاتها الخاصة وحينها سيصبح من حقها ان تحذو حذو الكورد او العرب. قد لا يكون لديها إمكانياتهم، إلا إن تصرفات العرب او الكورد ممن يتناسون ان البلد لكل أبناءه، تمنح لهذه المكونات شرعية ما يتطلعون إليه.
واذا كان الأستاذ مسعود البرزاني قد اكد على علمانية الدولة وحق مشاركة المكونات في تحديد وتجسيد سياسية البلد. فانه وحزبه وكل الاحزاب الكوردستانية بالتأكيد مطالبة بتحقيق ذلك وبخطوات اكثر في الاقليم. لانهم يشعرون بمعاناة من يتم تجاهله في تحديد تصور وطنه. ولذا فيجب على هذه الاحزاب والقيادات ان تمحي ما تنشره ثقافة اشكر ربك لانك على قيد الحياة. وكأن كل ما يتمتع به ابن المكونات وبضمنها الحياة هي منة ممن بيده مقادير الامور والتوجيهات والقوة. اي ان المقادرير والتوجيهات والقوة ليست ملك للوطن وللمواطن، بل لمن يتصرف بها، وهنا هم في الغالب ابناء المسؤولين او ابناء المكون الاكبر.
لقد ثبت ان تراكم عوامل القوة المبنية على مصالح انية، اي شراء اصوات وبنادق وسواعد، بالاموال او بالتغاضي عن تجاوزات بعضهم بحق الاضعف، او بالاعتماد على المقربين، لن تصنع وطنا، بل ان ما يصنع الوطن هو العدالة وحق المشاركة. ولتحقيق ذلك، فالعدالة بحاجة الى قوة تسندها، والمشاركة بحاجة الى مؤسسات يمكن ان تجسد هذه المشاركة. واليات ديمقراطية تحقق المشاركة.
ايلاف21.10.2017
قوات اشورية ايزيدية في اقليم كوردستان
لاقليم كوردستان، قوات شرعية هي قوات البشمركة، ويلحق بها حرس الحدود والاجهزة الامنية، ومنذ البداية وخلال مرحلة التنافس بين الحزب الديموقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، كان قوات البشمركة منقسمة حينذاك بحسب تبعيتها الحزبية، ولا زالت اثار الانقسام قائمة ويمكن لاطراف الدخول من خلالها والتاثير على السياسية اليومية للاقليم. رغم ان البشمركة كانت من مختلف القوى السياسية والقومية والدينية، قبل قيام الاقليم. ومشاركة الاشوريون والازيدية كانت واضحة في هذه القوات، وخصوصا في فترة الستينات من القرن الماضي. اما في ما بعد الثمانينات فبالاضافة الى المشاركة مع القوى الرئيسة للبشمركة والتي كانت تتبع الاحزاب، فان مشاركة الاشوريون والازيدية تجلت ايضا بالمشاركة مع قوات الحزب الشيوعي العراقي والتشكيلات السياسية الاشورية بالاخص مثل الحركة الديمقراطية الاشورية والتجمع الديمقراطي الاشوري. الا انه مما يؤسف له ان مثل هذه المشاركات لم تترجم كمشاركة حقيقية في القرار السياسي للاقليم.
ورغم الالم والشعور بالابعاد الذي احسه الاشوريون وغيرهم لاستبعادهم من المشاركة في القرار السياسي والامني او لنقل المطبخ السياسي والامني وحتى المشاركة في الادارة البيروقراطية, فانهم كانوا يمنون النفس انه من خلال التطور وشيوع الامن والسلام، سيكون هناك تغييرا في هذه السياسة ويشاركون في بناء وطنهم بصورة طبيعية، من خلال تمثيلهم للذات ومن خلال الادراك الواعي للاخوة الكورد، ان من حق وواجب الاخرين المشاركة في القرار. ولكن مرور السنوات والاحداث جعل الاشوريون يعتقدون ان الاستبعاد امر ثابت، وما تعين وزرا او بعض المسؤولين الا قشة في العين ورسالة للاخر في الخارج للقول ان المكونات كلها تشارك في القرار وتنفيذه.
الوطن ليس كلمة تقال او خريطة ترسم، ولكنه قبل كل شئ كرامة وحرية ومساواة ومشاركة. وكل ما يتمتع به الفرد ليس منة من احد على احد، لانه حق طبيعي للانسان. ولكن المؤسف ان بعض مظاهر الحكومات العراقية السابقة او لنقل الفهم الاسلامي للسلطة والشعب، لا تزال تتعشعش اليوم في سلوك بعض مسؤولي الاقليم. فبالاضافة الى الشعور الذي ينتاب الاشوريون والازيدية من ان ما يتمتعون به يسوق لهم على انه جزء من مكرمة خاصة لا يستحقونها، بل هي نظرة عطف خاصة من اطراف قيادية، رغم معارضة القاعدة الاساسية والاكثرية الشعبية. وهذه النظرة هي تسويق لما تدعية الانظمة الدكتاتورية من انها صمام الامان وحماية الاقليات في اوطانها مع الاسف. لانها ليست اولا حقيقية وثانيا لانها تقسم حقوق المواطن حسب انتماءه الديني والقومي.
ان محاولة القيادات الكوردية التمنع بالواقع الاجتماعي للشعب الكوردي، من انقسامه الى عشائر وقبائل وشيوع الامية فيه. لم يعد يستقيم مع تجربة ربع قرن من الاستقلال الشبه التام للاقليم. فكان من الضروري تهيئة الشعب كله لواقع التعددية التي يعيشها الاقليم، ليس التعددية بمفهومها الاعلامي، بل التعددية بمفهومها الحقوقي. بما يتضمنه وعي الانسان بحقوق الاخر ووعيه بعدم حقه في التجاوز عليها باي حال من الاحوال. ولكن ما رايناه هو ان الوضع لا يزال يتعكز على اسباب كان يجب ان تزول او على الاقل كان يجب ان تكون في طريقها الى الزوال الان، ومنها الانتماء العشائري كحالة للتحديد الخيارات وفرض القانون.
ورغم علمنا ان المسألة في جلها تتعلق بعدم قدرة القيادات الكوردستانية من الخروج من الدائرة المغلقة. وهي دائرة الصراع بين الطرفين القويين في المجتمع الكوردي. ونعني الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، والصراع البهديناني السوراني، مما دفع الطرفين للاستقواء بالعشائر مقابل غض النظر عن تجاوزاتها القانونية وخصوصا بحق من ليس له عشيرة تسنده. فاننا نقول ان رضا العيش في ظل مثل هذه الحالة من الصراع، الذي لا يسمح ببناء دولة واجهزة محايدة تنظر الى المواطن كمواطن بمعزل عن اي انتماء اخر، سيكون عامل تحلل واشارة الى من يريد ان يتدخل من اجل تحقيق مصالحه الخاصة باثارة النزاعات المعرقلة لبناء حالة الدولة او حالة واقع قانوني واجتماعي جديد، يمكن ان يعيش بسلام ويمكن ان يبني ويتطور ليكون نموذجا لحالة جديدة تسود المنطقة.
ان المنطقة والتي اصطلح على تسميتها بكوردستان او اقليم كوردستان، هي منطقة تواجد دائمي وتاريخي عميق لكل مكوناته. وان رغبنا في بناء وطن، فعلينا ان نبنيه من الانسان، وهذا الانسان، لا يمكن بناءه بمعزل عن الحرية والديمقراطية والخيارات المفتوحة. وبالتالي فان على قيادات الاقليم الادراك التام ان المشاركة الفعالة في بناء الاقليم يجب ان تتاح للاشوريون والازيدية بمعزل عن اي عوامل اخرى. وهذا يعني المشاركة في صياغة مستقبل الاقليم وسبل الارتقاء به، وتحديد السياسية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والامنية. لان هذه المشاركة تهمهم وتهم مستقبلهم، فهم مواطنون وليسوا ضيوف.
في ظل تقاعس او عدم قدرة قوات الاقليم من استيعاب ابناء الشعب من الاشوريون والازيديين، او على الاقل عدم تمكنها من بناء حالة تسمح بمشاركتهم وخصوصا في المناطق المتنازع عليها، رغم مطالبة الاقليم بها. بات من الظروري ان يتم الادراك الى وجوب صياغة رؤية اكثر واقعية لضرورة مشاركة الاشوريون والازيدية في تحرير مناطقهم وبناءها والحفاظ على امنها، ليس كمقاتلين بل كمخططين عسكرييين وامنيين واقتصاديين وسياسيين.
ان توقهم لهذه المشاركة قد يدفعهم حقا الى التعامل مع حالات اخرى وهم محقون بذلك، لانهم مستبعدون عن كل القرارات التي تتعلق بحياتهم اليومية، هذا عدا عن شيوع انتشار الاشاعات وامكانية المساومة على حقوقهم مقابل منافع اخرى، كل هذا يطرح سؤال عن احقية تطلعاتهم في تشكيل قواتهم الخاصة، والتي قد ياتي يوما بما تتعارض توجهاتها مع القوى الاخرى في المنطقة، وهنا ليس على احد ان يلومهم، لانه تم استبعادهم من القرار اصلا منذ البداية.
12 أيار 2015 ايلاف
واقعية حلم كوردستان الكبرى
حق الشعوب في تقرير مصيرها، هو مبداء اقرته الشرعية الدولية او المجتمع الدولي، اي نعم كل مبداء يتم تفسيره حسب المصالح الذاتية للدول الكبرى، ونتيجة لصراع المصالح بين هذه الدول يتم تنفيذ هذا المبدء بمديات مختلفة ولكنه يبقى مبدأ متفقا بشأنه .
الشعب الكوردي كبقية شعوب العالم لا يمكن ان يتم حرمانه قانونيا واخلاقيا من مبداء مقر من المجتمع الدولي. قد نختلف مع بعض القيادات الكوردية في التصرف والاداء والقول وحتى في التجريم. ولكن لا يمكن باي حال من الاحوال ان نختلف مع الشعب الكوردي في رغبته التمتع بحق اصيل من حقوقه. وبقدر اتفاقنا مع حق الشعب الكوردي فاننا نود ان نؤكد ان توق الشعب الكوردي لهذا الحق يجب ان لايكون على حساب الحق الاصيل والمماثل لبقية الشعوب المتعايشة على نفس البقعة مثل الشعب الكلداني السرياني الاشوري والا فان الشعب الكوردي يقر بعدم استحاقه لحقه. هذا من الناحية المبدئية، والتي باعتقادي من الصعوبة مناقشتها او تفنيدها. ولكن نحن هنا نتناقش امكانية تطبيق مبداء ما من خلال الواقع الحالي والمنظور.
لماذ تتوق الشعوب لحكم نفسها بنفسها، قد يكون لاشباع الرغبة في التساوي مع الاخرين، وقد يكون بسبب الشعور بالظلم والاضطهاد والتماييز. اذا باعتقادنا ان هذه الرغبة في غير الحالتين ستكون مرضا اكثر مما هو نضال لتحقيق طموح مشروع، والاحتمال الاول ايضا لا يجب ان يقدم له كل هذه التضحيات لاجل تحقيق مساواة في الشكل وليس في المضمون اي مساواة في الحقوق التي يجب ان يتمتع بها الانسان (المواطن).
تتميز الحركة الكوردية، بانها ثرية في المطالبة بالانصاف والعدالة، فهذه الحركة يرقي عهدها الى منتصف القرن التاسع عشر، رغم ان بعض الحركات الكوردية اتسمت بطابع التعصب الديني، عانى منه جيرانهم والاقدم منهم على الارض اي الاشوريين بمختلف تسمياتهم المذهبية والمناطقية. ولعل ما حدث في تحركات بدرخان بك ومحمد كور الراوندوزي وما حدث ابان المذبحة الكبرى والمعروفة بالسيفو (السيف) ضد الارمن والاشوريين خير دليل لاستغلال الدين في محاربة الجار الواقع تحت ظلم اكبر (ديني وقومي) وليس لتحقيق الاماني القومية للشعب الكوردي اولشعوب كوردستان.
في القرن العشرين نضجت الحركات الكوردية، وصارت تطالب بمطالب قومية ووطنية. ووصل الامر احيانا ببعض المثقفين للمشاركة في اقامة تحالف كوردي اشوري لتحقيق الطموحات القومية المشتركة. ولكن بعد تاسيس ما سمي بالدول الوطنية ، العراق وتركيا وايران وسوريا، صارت المطالب القومية تؤطر ضمن اقليم الدولة بحد ذاتها، اي كمثال صار مطلب الكورد (اللامركزية بداية ثورة ايلول 1961، ومن ثم الحكم الذاتي في نهايتها، والحكم الذاتي الحقيقي في ثورة كولان 1975، والفدرالية بعد اسقاط النظام الصدامي). ولكن كل هذه المطالب صيغت ضمن العراق الواحد او الموحد. ولم يتم طرح ما يفيد بتقسيم العراق، رغم ان المطالب الكوردية ارتبطت بالاعتراف بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره. الذي هو اعتراف بحق الكورد بالاستقلال التام ولكن المؤجل من قبل كل القوى العراقية.
رغم من حالة الضعف التي تنتاب اغلب الدول التي تضم كوردستان (العراق وايران وتركيا وسوريا) وهو ضعف يشاهد بشكل واضح في العراق وسوريا، ولكن تركيا وايران ايضا، تعانيان من ضعف في بنيتها ووحدتها الوطنية واستقرار مجتمعها. يكاد يؤدي بهما الى التهلهل وضعف المركز لصالح الاقاليم والتوجهات القومية والمناطقية. كما ان الدولتين وباعتبارهما كيانين ضمن منظومة الدول التي تريد ان تبقى على وجودها واستمرارية هذا الوجود. تدركان ان عليهما ان يقدمان تنازلات مؤلمة (قانونية وتنظيمية) لكي تضمن هذا الاستمرار. ولكن هناك خوف من اي خطوة خاطئة قد تقودهما الى ما لاتحمد عقباه وهو الحرب الداخلية والانقسام.
ليس خافيا على احد ان نشؤ الدول على اساس قومي قد يكون احد اسباب الحروب المستمرة، فمطالب هذه الدول بحقوقها الدائمة والمقدسة لا تنتهي. مما يعني استمرار الاضطرابات والحروب. ولكن هذا لا يعني ان تكون الامم والاقوام غير متساوية او بعضها يتسلط على الاخرى ابدا، بل يعني امكانية التعايش في الدول القائمة ولكن بان يكون لكل الامم كامل حقوقها وتضمن مساواتها ومساوات ابناءها مع بقية المواطنين وبلا اي تفرقة، اي مساواة في الحقوق والواجبات.
ان اعادة تشكيل الشرق الاوسط، قد لا يتطلب فقط سنوات طويلة اخرى لكي تهئ اذهان الناس على تقبل المخطط المطلوب. ولكنه بالتاكيد يتطلب انهارا من دماء ابناء المنطقة، ودمارا فوق ماهي مدمرة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. ولذا فان الوصول بالشعوب الى حالة يكون الانقسام والتقسيم وديا وبلا اي ضغائن، يمر بمرحلة طويلة من حالة الدول المتعددة الاقوام والتي تعيش بمساواة تامة مع بعضها البعض. ولكن الاحتمال الاكبر ان هذه الشعوب ان عاشت بمساواة تامة وغير منقوصة وتشارك في صنع خيارات وطنها، تدريجيا سترفض الاحزاب القومية وتتحول الى الاحزاب المطلبية، مما يخلق انقسام مجتمعي جدي عابر للقوميات والاديان داخل الوطن الواحد. انقسام مبني على المصالح الاقتصادية وفقط الاقتصادية وزيادة مساحة الحريات ليس الا، انقسام مصلحي لا تقسيم الدول، ولكنه يعمل لتحقيق مصالح هيئىه الناخبة او الوطن.
ولتقريب الصورة سنضع مثالا (لو تمتع الكورد كمثال في العراق وايران وتركيا وسوريا، بكل الحقوق التي يطالبون بها، وهي التعليم والتعلم بلغتهم، واعتبارها لغة رسمية، وتمتعوا لحقوق المواطنية وكل المناصب مفتوحة لهم ولغيرهم، وكانوا مشاركين حقا كافراد او جماعات في وضع سياسية بلدهم وصياغتها بما يضمن مصالح ابناء الوطن، وكانت القوانين تعبر عن طموحاتهم وطموحات كل المواطنين وليست لخدمة ايديولوجية معينة) فهل من الضروري ان يقدموا تضحيات كبيرة لتحقيق الاستقلال اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان وضعا كما وصفناه اعلاه سيخلق تواصل مفتوح مع بقية الكورد المتواجدين في ايران او تركيا او سوريا؟ باعتقادنا انه رغم ان السؤال افتراضي ولكن يمكن القول ان الكورد لن يتجهو الى الانقسام والتقسيم لتاسيس دولة كوردستان الكبرى. كما ان وسائل الاتصال الحالية تعبر الحدود بدون استئذان، تجعل من الكثير من مهام الدولة متحققة دون ان يتعايش الانسان في دولة واحدة.
ان التجارب التي مرت بها الحركة الكوردية، وبالاخص حالات الاقتتال الداخلي، والمجتمع الذي لم يعبر من المجتمع العشائري الى المجتمع المدني. سواء برغبة القيادات السياسية او بفعل عدم الاستقرار وضغط المحيط الخارجي، تؤكدان ان هنالك صعوبات داخلية جمة في تحقيق حلم دولة كردستان الكبرى. فليس بخافي على الجميع ان منطقة بحجم كوردستان العراق والتي تشكل حاليا ثلاثة محافظات فقط، لديها صعوبات كبيرة في الانصهار والتأقلم للعيش في كيان يدار من مركز واحد. فالصراع الحزبي والذي ان تحول الى صراع سلمي في غالبه، يكاد يخرج من قمقمه ليتحول الى صراع عسكري قوي. وهنا الطامة الكبرى في لجوء كل طرف الى اطراف خارجية معتبرا نفسه في حرب من اجل الوجود والبقاء امام عدو، لا يريد هزيمته بل ازالته.
ان واقعية حلم كوردستان تتمثل في ايجاد مخارج غير تقليدية. بمعنى ان التهديد احيانا باللجوء لاعلان الدولة ومن ثم اقامة كوردستان الكبرى، امر محفوف بالمخاطر ليس على القيادات الحالية فقط، بل بالمخاطر على الشعب الكوردي وكل الشعوب المتعايشة معا في هذه البقعة. ان منطقة كوردستان العراق والتي قد تكون المرشحة اكثر من غيرها لاعلان ذاتها نواة الدولة الحلم، محاطة من كل الاطراف بجيران لا يرغبون في وجودها اصلا، اي نعم قد يستفادون من هذا الوجود كما في الحالة الراهنة، ولكن ان تتحول لمنطقة استقطاب لبقية الاجزاء، يعني سلخ مناطق واسعة من هذه البلدان وضمها الي الدولة الوليدة، ليس هذا بل مناطق غنية بالمواد الاولية. ستستعمل مستقبلا كاحد عناصر القوة في السياسة الخارجية مثل المياه.
والمخرج او المخرجان المتوفران حاليا امام اقليم كوردستان هما اما العودة الى ما صرح به في منتصف الثمانينات احد قادة الاتحاد الوطني الكوردستاني، من انه لا مانع من انضمام كوردستان العراق الى تركيا. لا نه يقرب وحدة الشعب الكوردي، وهو مخرج قد ترحب به تركيا على الاقل حاليا، في ظل وضعها مسألة الدخول الى الاتحاد الاوربي على الرف. ولكنه سيجد معارضة دولية واقليمية (ايرانية، سورية قبل العراقية). مما يعني ان تحقيقه محفوف بالمخاطر الكثيرة. والمخرج الاهم والاكثر قدرة على الاستمرارية والترحيب الدولي، باعتقادي ان تقوم القيادات الكوردية، وضمن خطة دولية متناسقة، بحملة دولية اقليمية غايتها، انشاء منطقة اقليمية سياسية واقتصادية مفتوحة. تظم العراق وايران وتركيا وسوريا وقد تضم مستقبلا لبنان واسرائيل، تلتزم القوانين الدولية وحرية التبادل التجاري وازالة الحدود البرية وحرية التنقل والاستثمار. ان جل دول المنطقة وخصوصا العراق وايران وتركيا وسوريا بحاجة لتحرك جديد وكل لاسبابه الخاصة، ليخرج من حالة الجمود الحالية، الى حالة منفتحة وسلسلة وبدون عمليات التدمير القائمة. ان قيادة مثل هذه الدعوة سيعني انفتاح الكورد على بعضهم البعض وسهولة التنقل والانتقال وسهولة تبادل الخبرات لتطوير مناطقهم وتنميتها. قد يتطلب امر كهذا وقتا ولكنه وقت مهم لهظم كل التطورات التي تصاحب انشاء واقرار هذه الخطوة.
ان امرا كهذا ان تحقق. سيفرض على ايران الخروج من حالة الجمود والانغلاق الايديولجي، ولكن ليس كخاسر بل كمشارك لتاسيس الافضل. اي انه سيفرض على المشاركين الالتزام بقيم معينة ومنها الحريات الفردية والالتزام بالاتفاقيات الدولية والبحث في السياسية ليس عن انتصارات ايديولودجية، بل عن الفوائد الاقتصادية. وسيجعل حل مشكلة سوريا اسيهل ايضا، لانه سيطرح ضمن حل دولي لكل الاقليم. وسيكون تنازل الطرف الحكومي مع القضاء على الارهاب والتعصب، اسهل بكثير من ترك الامور لتقرر القوة المجردة مجريات الامور. ان مثل هذا الحل سيخرج المنطقة من الاحتقان الطائفي لانه سيشكل من اعداد متساوية تقريبا من كلا الطائفتين الكبيرتين وهي السنة والشيعة وطوائف اخرى مثل العلوية . اضافة الى المسيحيين والازيدية والزارداشتية وغيرهم.
نطرح هذا المقترح ونحن نرى انغلاق اقليم كوردستان العراق على ذاته، رغبة او دفعا، وقيام الحكومة المركزية بالتهديد والوعيد وكانها لم تستفد من كل تجارب الماضي المأساوية، ورغم كل وعودها بالحل الفدرالي وحق تقرير المصير.
ان وجود قيادة اقليمية واسعة الافق ومنفتحة على العالم والتطورات الجارية فيه، وتدرك قيمة حقوق الانسان والجماعات، لقيادة الاقليم المقترح، وبالاخص رسم السياسة الخارجية والاقتصادية واسلوب لحل المشاكل الداخلية، سيكون باعتقادنا افضل وسيلة للخروج من عنق الزجاجة الدائمي الذي نعيشه فيه منذ امد طويل
13 حزيران 2014 عنكاوا.
معوقات تقف أمام استقلال الكورد
ترددت انباء عديدة عن انخراط شباب كورد من العراق وتركيا، في المنظمات الاسلامية الإرهابية وخاصة تنظيم داعش او الدولة الإسلامية. وسبق هذا، صراعأ مسلحا وداميا بين مختلف الأطراف الكوردية. مع فسح المجال للجوار الإقليمي للتدخل وتحقيق مصالح انية او بعيدة المدى على حساب القضية الكوردية. ولعل الصراع الدامي الذي اندلع بين اليكتي (الاتحاد الوطني الكوردستاني- العراق) وبين البارتي (الحزب الديمقراطي الكوردستاني- العراق) في منتصف التسعينيات القرن الماضي خير مثال على ذلك. مما ولد انقسام الإقليم على الأقل إداريا وامنيا الى قسمين، وخسارة تجربة كان يمكن ان تكون غنية عن بناء الدولة.
ولو رجعنا ابعد لوجدنا الكورد ينقسمون ليس على أساس اختلاف الرؤى في الحركة القومية. بل على أساس الصراع العشائري الدائر، وان كان مبنيا على ما حدث في زمن ماضي بعيد وليس على أساس مصالح العشيرة. فالعشيرة بمفهومها تنظيم ادار واقتصادي تم تجاوزها في اغلب المناطق. والباقي منها علاقات مهترئة ولكنها رغم ذلك تلعب دورا في خلق التعصب والانحياز في المواقف السياسية. وهنا تلعب مواقف رئاسة العشيرة والتي هي بالغالب متوارثة دورا في تحديد التوجه السياسي لابناء العشيرة. ومن ثم يأتي بناء أسباب أخرى لاضفاء دور عصري ومدني على مواقف رئيس العشيرة.
لقد كان للموقف الأمريكي خصوصا في إدارة كلنتون الدور الكبير في تمكين الفرقاء الكورد من تجاوز حالة الصراع المسلح وتحقيق نوع من العمل المشترك، والضغط على تركيا لفتح الحدود امام المنطقة للتواصل مع العالم. ظهرت اثاره في استقرار إقليم كوردستان وتطوره الاقتصادي قياسا ببقية مناطق العراق. الا ان اثار الصراع بقت ضامر، ولم تقم إدارة الإقليم ( الجهاز المسير للإقليم) باي خطوات جدية وحقيقية لخلق اندماج على أساس القومي او الوطني بين أبناء الإقليم. وهذا عائد في الغالب لاسباب سياسية انية بحتة.كون الجهاز الإداري أيضا حزبيا ولم يكن وطنيا . فكل طرف من طرفي الصراع وان كان الان صراع ثلاثي، قد كبل نفسه بالتزامات معينة معلنة او غير معلنة، لكي لا يخسر حلفاء يمكن ان ينحازوا له في حالة تجدد الصراع.
في جلسة وعلى مستوى عال حضرتها، بعد العمل الإرهابي في 11 أيلول عام 2001. لاحظت الفرح وروح الشماتة التي كان الإسلاميين وبعض المتعاطفين معهم يظهروها تجاه ما أصاب اميركا. ولم تكن قد مرت عشر سنوات على الموقف الانقاذي الذي وقفته أميركا من الكورد ابان حركة النزوح الكبيرة بعد حرب الكويت. ولم تكن قد مرت خمسة سنوات على ما قامت به الإدارة الامريكية من ضغوط لتحقيق وحدة قرار كوردي. وإيقاف النزيف الدموي حينها بين الأطراف المتصارعة. لقد كانت روح التشفي والضغينة واضحة حينما حاول الكثيرين ترديد اللازمة العروبية والاسلاموية من ان اميركا تلقى جزاءها جراء موقفها مع القضية الفلسطينية.
لقد اضطرت قيادات سياسية كوردية للتنازل كثيرا امام التيارات الإسلامية. فقط للحفاظ على حلقة حلفاءها قوية. ولكن لكون التيارات الاسلاموية، حركات أيديولوجية عابرة للقوميات، وترى ان قوتها ووجودها هو في الإسلام وقيام الدولة الإسلامية. فان هذه التنازلات ستكلف القيادات الكوردية والشعب الكوردي الكثير. ان اعتماد بعض الكورد على كذبة ان الكورد كانوا في وضع افضل في ظل الدولة الإسلامية وخصوصا العثمانية. مستشهدين بكون غالبية الكورد تحت مضلة سياسية واحدة، لهو لعب بالالفاظ ليس الا.
لم تجد النخب التركية العلمانية افضل من ربط الكورد بالتوجهات الدينية، ودعم هذا التوجه ماديا (مثال حزب الله الكوردي) الذي دعم لمحاربة حزب العمال الكوردستاني. حزب الله الكوردي الذي ترك امامه مجالا واسعا في محاربة الأقليات الدينية والضعط عليها لكي تترك مناطقها ومساكنها، بحجة مساندة حزب العمال الكوردستاني.
نتيجة للبنية الهشة للمجتمع الكوردي، والصراع العشائري المبني على احداث وقعت في ماضي قد يكون بعيدا جدا. تمكنت الأطراف الإقليمية من اختراق هذا المجتمع وخلق بؤر توتر دائمي تصدع القيادات الكوردية وتجعلها تتلهى بهذه البؤر عن القيام بخطوات لبناء ولو نموذج ناجح لدولة مستقبلية.
اليوم ورغم ان هناك اتفاق غير معلن بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الامريكية، على غض النظر عن التحركات الكوردية. لا بل أحيانا دعمها علنا او مواربة، لفرك اذن تركيا وجعلها ترضخ لتحقيق إصلاحات اكثر جذرية وتنسق سياستها مع السياسية الدولية. الا انه ليس ببعيد ان يتم استغلال الكورد ومن ثم تركهم مرة أخرى في حالة انقسام لفترة أخرى قد تطول. ان الدول الكبرى أيضا تساعد من يحاول مساعدة ذاته، ولن تحارب دوما عنه، فالاول لديها مصالحها.
إلان الكوردي يكشف عنصريتنا
خلال الفترة الماضية، ولنقل منذ أن تمكن التيار الإسلامي من الاستيلاء على المشهد السياسي من الشباب الرافض لديناصورات السلطة في بلدان منطقة الشرق الأوسط، قام هذا التيار وبمختلف توجهاته بافعال وممارسات تقشعر لها الابدان. اليوم ليس بوسعنا ان نقوم بعزل داعش والنصرة من الإسلام ونعتبرهم شذاذ الافاق، لان التأييد لهم بلغ مدى كبيرا وشمل أئمة كبار وخطباء مساجد معروفة، لا بل ان الازهر اكبر مرجعية دينية إسلامية سنية لم تقم بتكفيرهم الا مضضا ومن قبل البعض، وحينما تم مس المصالح المصرية.
الان الكوردي، طفل كباقي ألاطفال على هذه المعمورة. له وجه برئ، فيه الكثير من علامات الاستفها. وانه يريد ان يعرف ويعلم عن الكثير مما يحدث حوله. ولعل اهم الأسئلة التي يطرحها وجهه البرئ، هوهل تتقبلني؟ انه لا يعرف ماذا تعني الأديان والقوميات والأحزاب والعشائر. ان حاجاته محددة بالمأكل والملبس والملعب والحنان، ان هذه الأمور تمنح لالان ولباقي أطفال العالم الأمان. ان الان لم يعلم لما ترك كوباني التي يتصارع على اسمها وتملكها العرب والكورد. فهذا يسميها عين العرب وذاك كوباني. ولماذا يسمع صوت القنابل وازيز الطلقات ولما يعيش اهله الرعب الذي ينتقل اليه بدون وعي الأسباب؟ ام ايلان اوبوه ارادا ان يبتعدا به عن كل هذه الحروب ليعيش كبقية أطفال العالم. ولكنه واخوه وامه لم يصلا ولن يصلا ابدا، انهما غرقا في البحر. لقد طمع المهرب واخذ الأموال وكدس المركب. ان العالم لا يعلم عن الان الا انه طفل، كبقية الأطفال، طفل حرم من الحياة. العالم لا يريد ان يعلم عن قوميته ودينه والحزب الذي يؤيده والعشيرة التي ينتمي اليها، انه يشاهد طفل لم يستوعب كل هذا فقد حياته جراء طمع الكبار.
ولكننا نعلم، ونكاد بهذه الأمور نعلم في ادق التفاصيل، ولذا نحجب او نظهر، نؤيد او نستنكر حسب التفاصيل الغير المرئية في الصورة. التفاصيل التي كان يمكن ان يغيرها او يستنكرها او يصحها الان لو بقى حيا وعاش البلوغ. اننا لا نريد ان نرى فيه الطفل البرئ. بل نرى فيه كرديا او مسلما سنيا او شيعيا او غيرها. هذه التفاصيل التي يريد البعض ان يريها. في تعليق لاحد المغردين السعوديين يقول ان الان سيكون مصيره الجحيم لانه كوردي! لا اعلم متى منح الله لهذا المغرد مفاتيح الجنة؟ وفي تعليق للاجئين سوريين الى الغرب، يلومون حكام العرب لعدم اهتمامهم. ويقولون بطريقة عنصرية فجة، انه لو كان يهوديا لقدم العرب فيه التعازي. هذه المقارنة قد تستحق الكثير من التعليق والشرح، لانها تعبر من جهة عن امر إيجابي وهو استنكار لموقف حكام العرب من ما يحدث في المنطقة. ولكن المعلقين لا يعلمون ان هؤلاء الحكام منخرطون فعلا في هذه الحرب التي تشبه داحس والغبراء. ولكن التشبيه الاخر وهو لو كان يهوديا، ينحو منحى عنصريا، ويعني ان اليهودي الذي لا يستحق، والذي تخافونه كان يمكن ان يثير عطفكم. وخصوصا لو عطفنا مثل هذه التشبيهات مع الشعارات التي يرفعها الناس مستنكرين ممارسة الحكام او جهات معارضة تقوم باضطهادهم. فهم يقولون نحن مسلمون ولسنا يهود. او يقولونه بشكل تساؤل، هل نحن يهود؟ وهذه تعابير من قبل التي يتعرض للاضطهاد، تظهره انه لا يمانع في اضطهاد اليهود. وفي مفارقة أخرى، مجموعة من المسيحيين الاشوريين، يعلقون وأيضا بصورة فجة وقبيحة، حينما يتسألون ولماذ لم يحضى مقتل واسر أبناء شعبنا في الموصل وسهل نينوى والخابور والقريتين بمثل هذا التعاطف؟ في لوم غير مباشر للعالم واتهام غير مباشر أيضا، على مؤامرة خفية تجعل ايلان يحضي وأبناء الاشوريين لا يحضون باهتمام العالم.
باعتقادي ان الاوربيين تلقفوا الرسالة افضل بكثير مما تلقيناها نحن. ان ثقافتهم المبنية على التسامح وعلى اعلاء قيمة الانسان، جعلتهم يتعاطفون مع القضية بصورة فعالة اكثر. ففي الوقت الذي بحثنا نحن في الصورة عن التفاصيل التي لاتظهر، شاهدوا هم الصورة الطبيعية المؤلمة لطفل لا ذنب له، صار ضحية الكبار. طبعا لا يمكن اخذ الكل بنفس المستوى ولكن، الغالبية الاوربية رات في الان الانسان، فيما نحن راينا فيه الكوردي. انجيلا مركل التي هي من حزب المسيحيين الديمقراطيين، والذي هو من الأحزاب اليمينية والتي تتفاعل بشكل اقل مع مأسي العالم حسب المفهوم الشائع عنهم، وقفت موقفا رائعا. فهاجمت وهددت اليمين من أي محاولة للاعتداء على اللاجئين. ودعت اوربا لتحمل مسؤولياتها الإنسانية ولتكن افضل من الجميع. ولوقسنا موقفها بموقف بعض الدول الأخرى واخص بالذكر دول العربية، فان موقف الدول العربية سيبدوا مخجلا جدا. يذكرني هنا بما حصل حينما تم تهجير العراقيين في شماله عام 1991، فبعد فرض المنطقة الامنة وعودة السكان الى مناطقهم. أتت المنظمات العالمية لتقدم المساعدة ولبناء بيوت مؤقتة تقيهم برد الشتاء وحر الصيف. وأتت المنظمات الإسلامية وكان عملها منصبا على بناء الجوامع في كل قرية بنتها المنظمات العالمية، ليس هذا، بل قامت بتقديم الأموال ومساعدة كل من يكون من التيار المسلم وبدات بكسب النساء للتحجب مقابل أموال مدفوعة.
موقف شعوبنا وحكامنا، لم يكن ولن يكون في وادي انقاذ الانسان، أي انسان، الأولية لديهم للدين والمذهب، مستغلين كل الظروف لهذه الغايات. والا فليذهب العالم الى الجحيم. بالأمس كنت اشاهد حوار تلفزيونيا حول تقصير دول وشعوب المنطقة، في الوقت الذي كان الأوربي يطالب دول اوربا بالمزيد من الخطوات لإنقاذ الناس، كان االشخص العربي يحاول تبرير تقاعس بلده، بانهم لا يريدون للسوريين الابتعاد عن حدود بلدهم لكي يعودوا اليها، وحينما قيل له ولكن هل تفضل ان يذهبوا الاف الكيلومترات بعيدا في اوربا المختلفة، انفعل وصرخ ليذهبوا الى اوربا ان شاؤوا بالرغم من انني متاكد انه اراد القول فليذهبوا الى الجحيم لان نبرة صوته وانفعاله الغير المبرر كانت تفضحه.
5 أيلول 2015 ايلاف
سهل نينوى ضمن اقليم كوردستان.. ما المانع؟
نسب الى السيد حنين القدو، احد ممثلي الشبك، ان الكورد يحاولون ان يغيروا هوية سهل نينوى بمنح هوية كوردية له. واستنادا الى هذا التصريح الناري والذي لا يتناسب مطلقا، لا مع الزمان ولا مع الاحداث والواقع القائم في سهل نينوى، بعد احتلال داعش له. خرجت تصريحات وتعليقات اشورية تندد بالمحاولة الكوردية المزعومة. ومنطقيا ومن خلال تفحص مطلقي هذه التصريحات والعليقات، رغم انهم يختفون اغلبهم خلف تسميات اخرى. يدرك الانسان انهم ليسوا من اهل سهل نينوى. بل ممن يستهويهم النقد لاجل النقد او ممن لهم فوبيا خاصة من الكورد. فالكورد لا يمكنهم تغيير هوية سهل نينوى وان شاؤا ذلك. التغيير ياتي من اهل سهل نينوى انفسهم، حينما يجدون انفسهم اقرب لاقليم كوردستان من البقاء ضمن محافظة نينوى او الارتباط مع بغداد. الحل الذي اعتقد ان السيد حنين القدو يروج له لاسباب ايديولوجية ومذهبية خاصة به.
السيد حنين القدو معروف الاتجاه والهوى، وهذا حق له، ولكنه ان اعتقد انه يمثل سهل نينوى او الاكثرية فيه او حتى الاكثرية الشبكية، فهو باعتقادي خاطئ لان الامور تتغير ولم تعد الشعارات السابقة تغري احدا.
شبكيا هنالك نسبة كبيرة منهم، باتت وبعد ممارسات داعش القمعية والارهابية وخصوصا تجاه كل مكونات المنطقة. تفكر بان التعايش وضمان الحقوق، مع اطراف تؤمن بالتعددية افضل بكثير من الركض وراء شعارات طائفية تجعل الجميع في فوهة مدفع يقتل الاخرين وينفجر بذاته. فالشبك المنقسمون بين السنة والشيعة باعتقادي راوا حقيقة ممارسات الاطراف الدينية فكل من يمتلك القوة وباسم اي طرف سيقوم باضطهاد قسم منهم بلا ادنى شك. فرغم ان بعض الشبك مدعومين بتحالفهم مع التحالف الوطني. ارادوا اظهار قوتهم على الاشوريين (المسيحيين) من خلال فرض بناء حسينيات واكاديميات دينية في مناطق المسيحيين، ودون وجه حق او حتى دون وجود ضرورة لها. الا انهم تلقوا وخصوصا الشيعة منهم ضربة كان يجب ان تصحي السيد قدو وغيره، بان تحالفاتهم خاطئة وخالية من اي بعد مستقبلي.
اشوريا، يكاد المرء يحتار بطروحات بعض الاطراف المعارضة ليكون سهل نينوى جزأ من اقليم كوردستان. رغم ان ذلك وبامتياز مصلحة قومية لهم وللاقليم. الا ان التاريخ المشترك والملئ بمواقف خيانية ضدهم من قبل بعض الاطراف الكوردية، يقف في وجه اي نظرة مستقبلية وبناءة لديهم. وهذا الامر يعني خنق اي مبادرات او توجهات متعددة بما يوفره ذلك من اوراق سياسية يمكن ان يلعبوها في طروحاتهم السياسية مع مختلف الاطراف.
لنفترض ان سهل نينوى سيكون من نصيب الحكومة المركزية، وهذا ما يطالب به البعض. وهذا يعني حتما سلخه من محافظة نينوى والحاقه ببغداد مباشرة. ليس كاقليم خاص، بل تشكيل خاص. ان ما طرحته هو الاحتمال الاكبر او الاكثر قدرة على التطبيق اوحتى الاكثر طرحا. سيدار التشكيل حسب رغبة الفئة الحاكمة والتي لا يستبعد ان تبقى ذات توجهات دينية مع افق ضيق. واذا كانت هذه الفئة قد دعمت سابقا عملية تحويل مناطق شعبنا لصالح طائفة معينة من خلال بناء مؤسسات دينية لا حاجة لها اصلا وفي مواقع تعود لمسيحيين. وحينما كانت مناطق سهل نينوى تتبع محافظة نينوى. فكيف سيكون الحال لو تبع بغداد؟!! كما ان الامر سيواجه نفس الصعوبة مع بعض السنة العرب في حالة طلب انظمامه الى اقليم كوردستان.
سألت شخصية دينية رفيعة مرة، لماذ تطالبون بضم سهل نينوى لبغداد، فقال لا اعرف ولكن هكذا يقولون! الواقع انها اجندة فئوية وليست مصالح قومية تلك التي تدفع بهذا الاتجاه. فكل من له اطلاع ولو قليل على الواقع الديموغرافي لابناء شعبنا الاشوري لادرك بلا اي شك. ان انضمام سهل نينوى لاقليم كوردستان هو افضل الحلول لشعبنا، لان امتداد شعبنا هو في الاقليم وليس في بغداد. بغداد كانت محطة، استوعبت مهاجري القرى التي تم حرقها في الغالب من قبل القوات الحكومية او المتحالفة معها والتي سميت فرسان صلاح الدين (شعبيا سميت الجتة). وانضمام طرفي شعبنا المتواجدين في قراهم واراضيهم الاصلية في الاقليم والذين في سهل نينوى مع البعض سيقوي موقعهم الديموغرافي.
ماذا لو التقت المصالح في المقترح الذي لم يتبناه احد رسميا لحد الان. اي ربط سهل نينوى باقليم كوردستان؟ ولانني لا اعلم المصلحة الكوردية حقيقة الا بضم مجموعة من القرى الكوردية والازيدية الى الاقليم باعتبارهم كوردا، فاترك جواب الامر وشرحه للاخوة الكورد.
لا احد يمكن ان ينكر ان هناك تغييرات ديموغرافية قد حدثت بفعل ما قامت به داعش من احتلالها للمنطقة ودفعها كل من لم يواليها الى الهجرة والهرب. ولكن الاختلاف قد يحدث عن حجم هذا التغيير وما طاله كل مكون من مكونات سهل نينوى من المسيحيين والازيدية والشبك والمسلمين الاخرين من السنة. وحيث انه لم يكن هناك اكثرية غالبة في منطقة سهل نينوى ومنذ زمن بعيد. بعد ان طاله التغيير الديموغرافي ابان حكم صدام حسين. فالواقع كان يقول ان الايزيدية والكورد وبعض الشبك والمسحيين سيؤيدون انضمام سهمل نينوى الى اقليم كوردستان. لانهم يدركون ان مصالحهم الاقتصادية والقومية هي مع هذا الارتباط، وعلى اساس هذه الرؤية اي ان هنالك غالبية محسوسة تؤيد هذا الانظمام، نقول ونستقرأ مصالحنا كاشوريين مسيحيين، لو تحقق هذا الانضمام.
ان تشكيلة سكان سهل نينوى ستبقى كما هي في الحالتين، ان تبع لبغداد او انظم لاقليم كوردستان. والخيار ليس اشوريا خالصا، بل يتوزع على الاطراف الثلاثة بالتساوي او بحدود متقابة وهم المسيحيين والازيدية والشبك. من هنا نرى ان موازين القوى حاليا هي لصالح هذا الانظمام وليس للالتحاق ببغداد. وعلى كل ان اقليم كوردستان هو جزء من العراق حاليا، والامر لا يعني خروجا من العراق على المدى المنظور. لكن الاهم ان التوزيع الديموغرافي للاشوريين المسيحيين سيكون غالبه محسوبا على الاقليم، مما يعني القدرة على البروز السياسي ونيل الحقوق والمطالبة بمشاركة حقيقية في القرار ومن خلال الاقليم في القرار العراقي. ان هذا الامر لا يعني مزيدا من الوظائف للمسيحيين فقط، بل يعني القدرة على التاثير على توجه البلد، بما يضمن حقوقهم الثقافية والتعليمية والاقتصادية والقانونية.
اليوم علينا ان نعلن رؤيتنا وما نراه صائب لابناء شعبنا، وان لا نخاف او نرتعب من مجموعة من حملة شعارات تاتي بصخب كثير ولكن مردودها صفر. وان لا نقول انهم يقولون ذلك، لانه لا يوجد في الحقيقة من يتمكن من ان يقف امام المنطق الصحيح في سبل نيل حقوقنا. فهل سيتم تبني شعار سهل نينوى مع اقليم كوردستان اشوريا؟
11 حزيران 2015 ايلاف
سمكو واحزابنا ونحن
بلا شك، ان سمكو وبدرخان بك ومحمد كور وغيرهم مجرمون، وهم مجرمون لانهم قتلوا ودمروا وسبوا واستولوا وفرضوا دينهم على الاخرين بالقوة، لقد فعلوا كل ما فعلوه دون اي غاية ان كان من وراء القتل والسبي وفرض المعتقد غاية. لقد كانت دوافع بدرخان ومحمد كور دينية وباسم الاسلمة والاسلام فعلوا ما فعلوه، واستعانوا بملالي السؤ لتبرير قتلهم لابناء شعبنا، ولان شعبنا اساسا لم يقف في طريقهم وطريق اهدافهم السياسية ان كان لهم مثل ذلك.
اتذكر انه في عام 1990 كان على ان اواجه اللجنة الخاصة بمنح اللجوء في المانيا، وكان مترجمي شخصا كورديا من سوريا، وقد تناقشنا حول العلاقة بين شعبينا وذكرته بما فعل بدرخان ومحمد كور وسمكو، قال لي انهم فعلوا ما فعلوه باسم الاسلام وليس باسم القضية القومية الكوردية، انه تبرير ولكنه تبرير العاجز والضحية لا تفيدها التبريرات، انها تريد الضمانات والحقوق. وخلال السنوات التالية التقيت باخوة من الكورد استنكروا واعتذروا عن ما فعله هؤلاء المجرمين، لانهم يدركون مدى الالم الذي سببه ذلك ولا يزال لنا.
في غمرة ما حدث بعد فعلة محافظة اربيل او الجهة التي قامت بهذه الفعلة الاجرامية الشنعاء، تعال صراخ بين ابناء شعبنا يتهم الكورد، بلا استثناء، وطبعا هذا الصراخ الغير المسؤول والغير المنضبط والذي يجلب العداوات اكثر من ان يحل الاشكالات، لا يعبر الا عن الضحالة الفكرية لقائله وعدم شعوره بالمسؤولية. اننا هنا نريد حل اشكاليات ونصل الى حالة يمكن ان يتم طرح اي شئ على طاولة المحاداثات دون ان ينجرح او يتالم المقابل. ولكن كيف والتمترس القومي هو ملجأنا الاخير؟ والحقيقة ان الكورد لم يكونوا هم المتهمين بل طال الاتهام حتى احزابنا التي سكتت ولم تثر مثل هذه الامور التي تلحق بشعبنا الكلداني السرياني الاشوري افدح الاذي وخصوصا في مشاعره حينما يجد ان من قتله ومن سبى بنات شعبه وفرض عليهم اعتناق دين بالقوة، يتم وبكل بساطة الاحتفاء به من خلال تسمية الشوارع باسمه او تدريسه كقائد تاريخي للحركة القومية الكوردية!
سؤالي لابناء شعبي وهو بسيط ومعبر وارجو ان لا يحسب في خانة حب الذات وتعظيمها، كم من ابناء شعبنا اطلع على مقالنا بهذا الخصوص في صوت كوردستان، والاهم كم منهم علق تايدا او رفضا او تصحيحا على المقالة وفي الموقع المنشور، لكي يدرك الاخوة الكورد اننا حقا، مهتمين للامر ومتالمين منه ولسنا في فورة غضب تزول كما زالت غيرها. اذا السؤال اليس ما حدث يخصنا كلنا، ويجب ان نتكاتف لاجله كلنا، هنا لا يوجد خلاف سياسي، بل حدث واقع وكل شعبنا يتألم لذكره. هنا لا حزبيات لا حركة ولا الوطني ولا بيت نهرين ولا المجلس الشعبي ولا المنبر الكلداني ولا المجلس القومي ولا ولا، انها يجب ان تكون وقفة لاجل عدم تكرار ذلك، ولكن ليس بالصراخ وبالسب والتشهير ونكء الجروح. يجب ان نكون اذكياء في اثارة ما نريد اثارته، لكي نتمتع بالمزيد من الحقوق، من حقنا المطالبة بالمساواة التامة مع الكورد، ولكن المسألة ليست تلك، بل كيف نطالب بذلك. كان عنوان احدى مقالاتي من حقنا ان تكون لنا دولة، وهذا حق مشروع من خلال الاقرار بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولكن هل نحن مستعدين له؟ تنظيميا وفكريا واقتصاديا وعلاقات سياسية وغيرها من الامور؟ يقينا لا، ولذا فان حقنا سيبقى في الادراج المغلقة ولن يخرجه الا ابناء شعبنا حينما تتوفر لديهم الارداة المدعومة بمقومات النجاح.
لا يزال الاخوة الكورد يسبقوننا في مضمار السياسة، ولكن ليس ذلك فقط بل في مضمار القدرة على تفهم الاخر ومعاناته وان كان اللوم يقع عليهم، ان اقرارنا بهذا لا يعني انهم الافضل انسانيا منا، لا ليس هذا المراد، لان الناس كلها سواسية ولها نفس الحقوق ونفس القيمة، ولكنهم تمكنوا ان يستغلو ظروفا لتحقيق بعض ما يصبون اليه، ولديهم نخبة كبيرة منفتحة وقابلة وراغبة لولوج العصر بكل مفاهيمه، وان كانت قيود المجتمع المحافظ تخنقهم ايضا. اي نعم التجربة الكوردية مليئة بالاخطاء والمخاوف وخصوصا الخوف من العودة الى نقطة الصفر والاحتراب الداخلي، ولكن هم يعملون ويجب ان نشجعهم لكي يعملوا الى تصحيح الامور، لكي لا يقعوا في المحضور. لو تقاتل ابناء شعبنا لا سمح الله، فان الخاسر سيكون نحن، ولكن لو تقاتل العرب في ما بينهم او الكورد في مابينهم فاننا ايضا سنخسر، المعادلة اليوم هي هكذا ولا يمكننا ان نعبر عليها ونتناساها هكذا وبكل بساطة. ان رهاننا يجب ان يكون لدعم عملية البناء الجارية في اقليم كوردستان، لانه ليس لدينا رهانات اخرى في احسن الاحوال. وتشجيع ابناء شعبنا للاستقرار والبناء وترسيخ الوجود في ارضهم التاريخية، وتاريخية ارضهم لا يمكن ان يسلبها منهم احد الا هم، حينما يتركوها بامل عودة اجيال قادمة بعد مائة اوخمسون سنة. ومن هنا فان دعم دعوة غبطة مار لويس الاول ساكو للعودة يجب ان تؤخذ بجدية، وليس بالاستهزاء، والا ما معنى ان ندعو للعمل القومي تحت اي يافطة كانت؟ دعم الدعوة من خلال منح اقتراحات قابلة للتحقيق وليس فرض مطالب تعجيزية مثل بناء فلل وفرص عمل تدر اموال كثيرة وحريات تامة. ولذا ركزنا في مقالات كثيرة لدعم تجربة الرائدة التي قادها الاستاذ سركيس اغاجان، وقلنا ان كنا قوميين ونعمل لاجل مستقبل شعبنا وترسيخ وجوده، علينا ان نملاء البيوت التي تبنى ونعمر القرى ونزيد الورابط بينها، لكي تظهر قوة شعبنا وقدرته ومكانته للجميع، ويمكنكم العودة اليها فهي لا زالت في موقع عنكاوا كوم.
عندما تعاملنا بمن وليس ماذا، خسرنا الكثير الكثير، وهذه الصرخة ليست وليدة اليوم بل ايضا قلناها مرارا وتكرارا، والمثل الشامي المعروف ناكل العنب والا نقتل الناطور امامنا، لا بل اننا اكثر الشعوب ضربا للامثال واقلها عملا بها.
اذا ماذا ايضا علينا عمله غير اللعن ونكء الجراح واتهام الاخر باشنع التهم. انها فرصة قد نستفيد منها في المطالبة بتشكيل لجنة ذات صلاحية واسعة تضم مكونات اقليم كوردستان من الكورد وابناء شعبنا والازيدية والتركمان، تتشكل بقرار من البرلمان تعمل كلجنة استشارية تكون فوق المسالة واعضاءها ثابتون في مناصبهم ولا يمكن ازاحتهم او فصلهم الا بقرار من اغلبية برلمانية، اعضاءها يكونون من ذوي الماضي الناصع ويمتلكون خبرات في الشؤون العامة ويعرف عنهم الالتزام بالمساواة والحريات الفردية والجماعية. غايتها مراجعة الدستور والقوانين والتعليمات الوظيفية لوضع ضوابط وطنية موحدة لكل الامور، لازالة كل ما يعيق ابناء المكونات الغير الكوردية من التمتع بحقوقهم كمواطنين متساويين و تكون من مهامها الاشراف على المناهج الدراسية بكافة اللغات ونتقيتها من كل ما يهين الشعوب والاديان الاخرى. وليس من المستبعد تطويرها لحث المجتمع للاخذ بقيم العدالة وازالة التمايز وتطوير حريات المراة وجعل القانون هو الفيصل في حل كل المشاكل وليس العرف العشائري.
لا يخفى على الجميع الدور السلبي الذي يلعبه بعض رجال الدين وخصوصا الاسلامي من خلال خطبهم النارية والتي تكفر الاخرين، وترفع الوازع الانساني لدى السامع من قتل الكافر وهدر دمه، وما يمثله مثل هذا الخطاب من رعب وخوف دائمي لابناء شعبنا والاخوة الازيدية، ولان السلطة في الكثيرمن الاحيان لا تتعامل مع مثل هذه الخطابات التي تجعل المجتمع يعيش قلقا دائميا وخوفا مبطنا من احداث جسام يؤدي اليها، وذلك لان السلطة تقيس بميزان اطالة استمراريتها في الحكم، ولذا تغض النظر عن ما يحدث باعتبار مخاطره بعيدة الاحتمال او غير مؤثرة على وجودها، فان تواجد مثل هذه اللجان امر بات ضروريا لكي يتم وضع حد لعمل زرع الكره والحقد بين ابناء المجتمع على اساس ديني.
الشعوب الحية هي تلك التي تستفيد حتى من مأسيها وتحولها الى خطوات في طريق النجاح، فهل نستفيد نحن من ما يحيق بنا من الماسي والمشاكل ونحولها الى خطوات في طريق نجاح شعبنا في اثبات حضوره في الساحة الوطنية والعالمية؟ انه منوط بنا الاجابة عليه اليس كذلك؟
16:07 14/08/2013 »
العلاقات الاشورية الكوردية بين الندية والتبعية
على امتداد المساحة المحصورة بين منطقة سلامس في غرب ايران وكوباني وعفرين في غرب سوريا والحدود الارمنية التركية شمالا الى مناطق سهل نينوى، يعيش شعبينا الكلداني السرياني الاشوري والكوردي على مدى طويل من التاريخ معا. ففي بعض كتابات الرهبان من القرن الخامس والسادس الميلادي، هناك شكاوى من العصابات الكوردية في مناطق الجبلية في محافظة اربيل ودهوك الحالية. ولكن الظاهر ان الكورد لم يكن لهم ذكر تاريخي قوي لضآلة دورهم ومكانتهم في الحضارية حينذاك، ولانهم لم يشكلوا مجموعات قوية متماسكة.
تمر العلاقة بين شعبينا باعتقادي بمرحلتين اساسيتين مختلفتي السمات والاهداف والتطلعات. ففي المرحلة الاولى والتي يمكننا ان نقسمها الى مرحلتين، مرحلة غير معروف بدايتها ولكن على الاغلب كان هناك استقواء كوردي بالعثمانيين السنة، وانتشارا على مساحة واسعة منحت لهم من قبل السلاطين جراء خدمات الكورد لهم وخصوصا في تصديهم للدولة الصفوية الشيعية. ومرحلة تحكمت بها العلاقات العشائرية، كان هناك نوع من الندية بين القوى الشبه المستقلة في شعبنا ونخص بها العشائر السبعة في حكارى والعشائر الكوردية. وكان هناك تقدير واسع لمكانة وموقع عشائر شعبنا ودورهم وقوتهم، حتى راج مثل يقال بالكوردي ان الرجال ثلاثة التياري والشنكاري والزيباري. وللمصادفة انهم من ثلاث اديان فالتياري هو اشوري مسيحي، والزيباري هو كوردي مسلم والشنكاري على الاغلب كان الازيدي.
نعم في هذه المرحلة كان التوازن والندية قائما، لان القانون العشائري كان يتحكم بكل الاطراف بشكل متساوي. وان كان هناك اعتداء من طرف، كان الاخر يرد. ولم يتنازل اي طرف من شعبنا واخص بالذكر العشائر السبعة في حكاري، من اخذ ما اعتقدوه انه حقهم، لا بل ان بعض ابناء شعبنا ممن كان يعيش تحت سلطات الاغوات او العشائر الكوردية (رحتي)، حينما كان يضطر للاخذ بالثار او القتل جراء اعتداء عليه، كان يلجاء الى العشائر السبعة والتي كانت تقوم بحمايته.
لكن مرحلة العشائرية مرت، بحكم التاريخ وبحكم التطورات وبحكم انها لم تعد تحقق اهداف الافكار الجديدة الواردة من اوربا. مثل الاستقلال والانتماء القومي. فالمنطقة كانت غارقة في مستنقع من الجهل والتخلف وكانت التقسيمات على اساس الدين لا تزال سارية.
وتاثرت بها المنطقة وشعوبها بسبب طول مدة اتباع هذا النوع من التقسيم الديني (الطائفي). فرعاية السلطنة العثمانية وحتى الصفوية، كانوا يقسمون الى مسلمين وغير مسلمين، مسلمون الرعايا من الدرجة الاولى، والاخرين رعايا او يمكن القول اهل الذمة وخاصة المسيحيين واليهود. وكلمة الذمة تعني انهم ذمة من الله بيد المسلمين. واذا كان مانح الذمة غائبا، وهو في الغالب كذلك لمن يريد التجاوز، فالمتصرف بالذمة ياخذ راحته في نوعية التصرف. ولكن هذا النظام وبرغم من قدمه، وتخلفه وكونه غير انساني، الا انه حمى الكثيرين، لانه كان لا يزال يعتمد على اهل الذمة في الانتاج والصناعة ورفد الاخرين بما يمكنهم من سلبه لاشباع رغباتهم. ولكن مع قدوم الافكار القومية من اوربا، وشيوعها في المنطقة، تاثر بها الارمن والترك والكورد وابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ممن اختارو الاسم الاشوري لكي يؤطر عملهم، كما اختار الكورد تسمية الكورد لهذا التأطير، واختار العرب هذه التسمية لتاطير عملهم القومي، علما انه ايضا لا تسمية الكورد ولا تسمية العرب كانت رائجة.
ان انتشار الافكار القومية الوافد، اثر على فكرة نوعية الدولة بعينها، فالسلطنة السابقة والتي كانت شبه دولة، كانت قائمة وبشكل واضح على التقسيم الديني والطائفي، اما الافكار القومية فدعت الى قيام دولة على اساس قومي، يعتمد اللغة ووسع الاتراك المفهوم ليضم اطراف اخرى سموهم اتراك الجبال وهم الكورد الحاليين. ولكن من دون التخلي عن الاسلام كشكل من اشكال توحيد ومزج الشعوب. ومن هنا فتغيير مفهوم الدولة واساس قيامها تطلب دفع الشعب للانتاج لكي يكون هناك امن غذائي يعتمد على ابناء الشعب من القومية السائدة، باعتبار الاخرين ممكن ان يخونوا لانهم اساسا لم يحسبوا من ضمن الاتراك، لا بل امتلاكهم لحركاتهم القومية الخاصة والتي كانت تنادي بما يتعارض وما تطلبه الحركة القومية التركية كان امرا يثير شكوك الترك بهم بدل تفهم احقية هذه المطالب. ان دفع الناس للعمل والانتاج، وتحقيق الامن الغذائي دفع للتخلص من اهل الذمة، لكي حل الاتراك واتراك الجبال محلهم. وامتزاج الافكار القومية بالدين اكد رغبة ا التخلص من الاخرين، كل من لا يماثل السائد، وكانت نتيجتها المذابح المتتالية على ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والازيديين، هذه المذابح التي قلصت من وجود شعبنا وتاثيره، سواء بالقتل او بتحول الناس الى الاسلام والانصهار في بوتقة الاقوى.
وبالرغم ان الحركتان القوميتان الاشورية والكوردية، اصبحتا غير متكأفأتان من حيث الاتباع والتاثير، بعد كل المذابح المقترفة ضد الاشوريين، الا انهما وحتى بعد بعد الحرب العالمية الاولى كانتا نديتان، ويمكن ملاحظة ذلك من دعوة او تجديد لدعوة اقامة دولة اثورية كوردية، من حركات قومية كوردية انطلقت من مناطق السوران والسليمانية بالاخص توفيق بك وهبي ممثل حركة خوبيون الكوردية، وبعض القوميين الاشوريين مثل المرحوم يوسف مالك.
يحاول بعض المحسوبين على الحركة القومية الاشورية ومن باب التفاخر، نر ادعاءا غير سليمة ولاتخدم الحركة القومية الاشورية بنظري، عن تواجد شعبنا، وتضخيمه، فاحدهم وفي منشور نشر مؤخرا، يقول بان الاشوريين كانوا يؤلفون حوالي 65 بالمائة من سكان دهوك عام 1969، وهذا خطاء فاضح وغير سليم ولن يقود الى القيام بعمل سليم اصلا، فكل ما هو مبني على الاكاذيب لن يحقق باعتقادي اي نتيجة سليمة.
صحيح انه من الناحية المبدئية، لا يمكن ابدا قياس الحقوق القومية لشعب ما على مقياس عدد ابناءه، ولكن نتائج العمل السياسي تتاثر بالعدد، فمنتسبي الاحزاب وقدراتهم المادية والفكرية وانشارهم الجغرافي، ومدى تاثيرهم يتاثرون شئنا ام ابينا. في تطور ما قام الاشوريين ومن خلال ابناء العشائر بالعمل من اجل تحقيق بعض الحقوق القومية، منطلقين من تجارب التي مروا بها في الخمسون سنة الماضية، ابان طرح مسألة منح الاستقلال للعراق، خارج اي تعاون مع بقية المكونات التي سارت بنفس الاتجاه مثل الكورد والازيديين. ورغم ان المطالب كانت متواضعة واغلبها كان متحققا لبعض العشائر الكوردية والعربية، الا ان الفكر الشوفيني العروبي المتأثر بالطروحات الطورانية، وتاثير الاسلام في النظرة الى الشعوب الغير المسلمة، قد دفع القيادات السياسية وخصوصا رشيد عالي الكيلاني للدفع للاقتناص من الاشوريين. وكان من نتيجتها خسائر تقدر بالالاف من القتلى ونزوح الالاف من الاشوريين الى سوريا واسقاط الجنسية العراقية عن العائلة البطريركية، لكنيسة المشرق. وانقسام الاشوريين المتاثرين بالفكر القومي الى قسمين، استمر تاثيره الى الان وظهر في الانقسام الاخير في الحركة الديمقراطية الاشورية، حسب ادعاءات البعض.
ولكن الخسارة الاكبر، كانت تحول الحركة القومية الاشورية، من حركة واعدة، يمكن للاخرين التعاون معها، للاستقواء، الى حركة قومية صامتة، بحاجة الى دعم ومساندة، اي تحولها الى حركة قومية ضعيفة. ولكن رغم الضعف، الا ان القوميين الاشوريين لم ييأسوا فظهروا باشكال وانواع اخرى من العمل القومي، وبدأت تظهر احزاب سياسية وان كانت قصيرة العمر. وحمل بعضها شعارات انتقامية، حتى من اطراف اشورية اعتبرت خائنة.
ان الخسارة كانت كبيرة واستمرار تقديمها كان مؤثرا حقا على قدرة الشعب على المقاومة، واذا نظرنا الى ان ابناء بعض الاطراف المذهبية تم تشجيعهم على الابتعاد كليا عن كل ما يتعلق بالمطلب السياسي، واقناعه بالسكوت والصمت، وان كان بعض من ابناء هذه المذاهب قد عبروا نحو افكار اكثر راديكالية وبعيدة عن المطلب القومي الى مطالب سميت مطالب وطنية، حيث شاركوا في الحركة الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي مثل بيتر فاسيلي الاشوري وفهد مرورا بتوما توماس والعشرات ممن انتموا الى هذا الحزب.
لم يكن القوميين الاشوريين بالتاكيد مخيرين في الغالب في قراراتهم ونوعية توجهم، فهم كانوا بشر يتأثرون بما حولهم وبما يسمعون ويقرأون. فالحركة القومية، لم تكن خيارا، بل في الغالب فرضا، نتيجة الانقسام المذهبي بين الاشوريين، واحد الانقسامات يعود الى اكثر من 1300 سنة.
عند بدايات الحركة القومية الاشورية، من ابناء شعبنا من مختلف الطوائف. كان خيار العمل تحت الراية المسيحية، حينها خيارا غير سليم، فالوضع والمذابح الدينية كانت ستستعر اكثر واكثر. ان السلطنة العثمانية وضفت هزائهما الكثيرة في اوربا وتراجعها، من اجل التخلص من المسيحيين في الاناضول والمناطق الخاضعة لسلطتها، في تعميم للفكرة الاسلامية التي تقول ان المسيحيين اخوة، فاذا كانوا في اوربا ينتصرون فان الانتقام منهم في الاناضول وفي بقية المناطق امر ممكن، علما ان الانتصارات الاوربية لم تحدث تحت الراية المسيحية، بل تحت الراية القومية لكل شعب. لكن تهييج الشعوب ضد المخالف الديني وخصوصا لو توفرت الفتاوي كان امرا سهلا، وهذا ما حدث في الكثير من الاحداث سواء التي سجلت او التي لم تدون ولكن يمكن استشفافها من ضمور التواجد المسيحي في المنطقة.
لقد عمل التقسيم العثماني للناس حسب الملل، تاثيره في الناس، فصارت كل ملة تعتبر نفسها مستقلة في كل شئ الا في خضوعها للسلطان العثماني، الذي كان يوافق على في الغالب على من سيكون رئيسا للملة، وهكذا تم تقسيم شعبنا، ذي اللغة والتاريخ والارض الواحدة، الى اقسام، وملل اعترفت بها السلطنة العثمانية. وتوارث الزعماء الدينين هذا التقسيم وارتضوه ودعموه وحاربوا كل توجه قومي موحد لانه كان باعتقادهم سيقوض سلطاتهم الدينية واحيانا الدنيوية.
في الاعلان عن الحركة الكوردية في 11 ايلول عام 1961، بقياد مصفى البرزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتوجه الاحزاب الكوردية الى استعمال صيغة كوردستان في تسميتها، تم ترسيخ هذه التسمية باعتبارها تسمية وطنية، تشمل كل قاطني ما صار يعرف في ادبيات الكورد بكوردستان. تواجد ابناء شعبنا كعناصر فاعلة في هذه الحركة، واول شهيد قدمته كان المرحوم اثنيئيل من قرية دوري الاشورية. ونتيجة لهذا وتبعاتها، قامت عناصر كوردية عشائرية، معادية لقيادات الحركة الكوردية، الحرب ضدها مدعومة من الحكومة العراقية، بحرق وتدمير الكثير من قرى ابناء شعبنا، واضطر الكثيرين لترك قراهم والالتجاء الى المدن الكبرى مثل بغداد ودهوك والموصل والبصرة وكركوك. لم نحقق كشعب اي نتيجة من دعمنا للحركة الكوردية والحقيقة ان الجميع لم يحقق اي شئ، غير تاسيس مجلس تشريعي بلا صلاحيات فعلية كان فيه بعض ممثلي شعبنا ومجلس تنفيذي لمنطقة الحكم الذاتي. ان التجاء ابناء شعبنا للمدن، كان مؤثرا بحيث ابعدهم عن القرى والعمل المتوفر فيها والذي لم يكن يفي بمتطلبات الاسر، فغالبية ابناء شعبنا ورغم كون بعض سنوات السبعينيات سنوات سلام، لم تدفعهم الامور للعودة الى القرى.لا بل شجعت للخروج من العراق نتيجة الانفتاج اكثر ومعرفة الاخبار عن الهجرة والخوف من التعريب والاسلمة التي بدات واضحة في الخطابات التي بدات بعد حرب الايام الستة عام 1967.
ولكن من ناحية اخرى ان الهجرة الى المدن، دفع ابناء شعبنا وخصوصا الشباب ممن اطلع على الافكار والحركات القومية والثورية العالمية، للتاثر بها. ومن هنا بداء ظهور الاحزاب والحركات القومية الجديدة، من منظور اخر، وهو المشاركة الوطنية واقتطاع حقوق شعبنا في اطار العراق. وبعد ان بدأت هذه الاحزاب والحركات بشكل تبشيري ونشط، تحول الامر الى الرغبة الفعلية في المشاركة في القرار الوطني، وكانت فكرة الكفاح المسلح والمشاركة فيه، لاسقاط نظام الحكم وتحقيق الطموحات القومية. وظهرت البوادر الاولية لهذه الفكرة، لدى اطراف اشورية كان يقودها السيد كوركيس خوشابا ودنخا كيجو القريبان من الحزب الشيوعي العراقي. كما حاول الحزب استمالة اطراف اخرى من خلال انصاره. وهكذا تلاقت اطراف ومنها الحزب الوطني الاشوري، لبلورة العمل ولكن استقر الامر على انصار السيد كوركيس خوشابا وبقايا حزب الاخاء الاثوري المتأسس في كركوك والنشط في جامعة السليمانية مع حضور ضعيف في بغداد.
وهكذا في بداية الثمانينات ظهرت ثلاثة تجمعات اشورية، معلنة للكفاح المسلح، وهي حزب بيت نهرين، الذي انسحب الى سوريا في عام 1984 والحركة الديمقراطية الاشورية والتجمع الديمقراطي الاشوري، الذي تحالف مع منشقين من الحركة واسسوا الاتحاد الديمقراطي الاشوري. كان وضع احزابنا في المنطقة ضعيفا مشاركة وعددا، فمن ناحية الكفاح المسلح، لم يمارسه اي طرف، باسثناء مشاركات بسيطة للتجمع الديمقراطي الاشوري. ومن ناحية العدد لم يزد اي تنظيم منهم عن ثلاثين عضوا في اكثر حالات التواجد. وفي الغالب كانت طروحات بعض الاطراف منسوخة فكرا من طروحات الحزب الشيوعي العراقي مع عبارات قومية. وحسب علمنا لم يتم طرح اي طروحات قومية او مطالب قومية واضحة، باستثناء افتتاحية لجريدة خيروتا التي اصدرها التجمع الديمقارطي الاشوري، التي طالب بضرورة مشاركة الاشوريين في القرار الوطني، تشريعا وتنفيذا.
ان تبعية القرار الاشورية منبعه، الحقيقي هو الواقع الديموغرافي القاتل. صحيح انه في السياسية لا استقلالية كاملة لاي طرف، ولا لاعظم قوى في عالم اليوم اي الولايات المتحدة الامريكية، الا ان التبعية، تظهر في عدم طرح مطالب قومية واضحة، تحشد خلفها الانصار، بل كانت المطالب في الغالب عائمة وتنتظر من القوى القوية التكرم بها، ليتم لاحقا التغني بها واعتبارها انجازا، ولعل مشاركة بعض الاطراف في اول حكومة للمنطقة الامنة وتحقيق التعليم السرياني والاعتراف ببعض العطل التي اعتبرت انجازا، لم تكن الا من قبل الاوساط المسيرة للواقع اليومي، وخصوصا من اعضاء وانصار الحزب الديمقراطي الكوردستاني. فمن خلال متابعتنا للاعلام والنشاط السياسي للقوى الاشورية الوحيدة، حينها لم نرى اي توجه لطرح مطالب قومية حقيقة ولا حتى حق التعليم والتعلم بلغة الام. فتأطير العمل كان نتيجة جهود فردية ومن ثم دعم قوى قومية وخصوصا من انصار الحزب الوطني الاشوري، اختمرت وشكلت وفدا مفاوضا التقى المسؤولين التنفيذين في حكومة المنطقة الامنة لتحقق ما كان مدون في قانون وزارة التربية والتعليم، الخاص بحق المكونات من تعلم والتعليم بلغاتها، وهذا الحق تمتع به التركمان والعرب في المنطقة الامنة دون اي منة من احد.
من كل ما مر بنا يمكن ان ندرك ان عامل الديموغرافيا عامل مؤثر كثيرا في القرار السياسي لاي طرف، وعليه، ولمعالجة الخلل في هذا المجال علينا ان نبحث عن ما يدعم وجودنا في موقع القرار. وليس تشتيت الموجود. ولكن مع الاسف من محاولة استشفاف الامور، نرى بان القوى السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري، لا تعير اي اهمية لدورنا في القرار، لا بل يمكننا القول انها رفعت راية الاستسلام، وان لا مجال لاي معالجة امور، وستبقى في دائرة الشكوى، والشكوى لغير الله مذلة.
09/05/2019»
هل كنا على خطأ؟
لا اعتقد ان هناك من يمكنه ان يتهمني بمعاداة الكورد او حتى حكومة اقليم كوردستان، فانا ادرك واعي ضرورة العيش المشترك، وقد وقفت في الكثير مما انشره وهذا هو مجالي العام، مع الكورد والقضية الكوردية، ودافعت عن سياسية الاقليم وحاولت تبرير بعض الممارسات، بحجة ان الاقليم امام استحقاقات كبيرة ولذا فهو بحاجة إلى حشد القوى للدفاع عنه وعن شعبه. كما انني دافعت وبقوة عن الراي القائل بضم مناطق سهل نينوى إلى الاقليم ولمبررات رأيتها صائبة وتحقق مصالح الطرفين، أي الاشوريين والكورد.
في قضية منطقة نهلة والتجاوز على قراها، كان القضاء قد حسم القضية لصالح صاحب الارض المتجاوز عليها وهو اشوري، ولذا تم ازالة التجاوز وبقرار قضائي. ولكن المفاجئة وفي هذه الظروف العصيبة التي تحيط بالاقليم، ان يقوم نفس الشخص وبالرغم من القرار القضائي، بالعودة إلى البناء والتجاوز ورغم انف القضاء والسلطة وحكومة الاقليم، التي باعتقادي عليها ان تقدم استقالتها لانها ان كانت امام فرد واحد ليست قادرة على فرض القانون، فهل ستستطيع ان تدافع عن شعب الاقليم امام مطامح الاخرين.
ان أي دولة او اقليم يحمل جزء كبير من صلاحيات الدولة، ويحترم ذاته ويحاول ان يكون جزء من العالم المتحضر او يسوق نفسه على انه كذلك، فيجب ان تكون من اولياته تحقيق العدالة، وان لم يتمكن من تطبيق العدالة بشكل مطلق على الاقل ان يطبق ما صدر عن محاكمه والا سيكون السؤال مشروعا، عن ضرورة هذه الحكومة او الادارة؟
كيف يمكن لشخص ان يدافع عن وطنه او ارضه او حتى مبادئه، وهو يشعر بانه مهان وانه يستعمل أداة لتحقيق مأرب الاخرين وطموحاتهم الذاتية. ان ما يعانيه الاشوريين في الاقليم من التمييز والاستعلاء وتجاهل حقوقهم وشكاويهم او التجاوز عليها وبشكل صريح وبلا ادنى خوف من عقاب، حالة يمكن تلمس وجودها بين الكورد ايضا وخصوصا الفئات الفقيرة والهامشية والتي لا تعتبر جزء من منظومات عشائرية او مسنودة. ان هناك تراتبية للظلم والاضطهاد يمكن وصفها ان الكوردي يمكن ان يظلم كورديا اخر لانه غير مسنود، ولكن الكورد جميعا يمكن ان يظلموا الأشوري لانه اصلا، معتبر حالة يمكن للجمع التجاوز عليه وعلى ممتلكاته.
خلال اكثر من خمسة وعشرون سنة من عمر حكومة الإقليم، لم تحاول ان تبني الناس على روح المواطنة وعلى المساواة وعلى احترام القانون. بل يمكن القول انها حتى لم تحاول، تطمين الناس إلى انها بصدد معالجة الانتهاكات والتمايز الحاصل.
اليوم وامام المأزق الذي وقعت فيه الحكومة ووضعت شعب الاقليم فيه، جراء ما حصل بعد الاستفتاء، فهل تريد الحكومة القائمة ان تترك الحبل لغاربه وكل يمارس ما يبتغيه، أي قتل أي امل في إقامة إدارة تدرك وتعي ضرورة الحفاظ على حقوق المواطنين؟
قبل فترة كانت بعض الأطراف الأممية قد اتخذت قرارا باعتبار الحل لمشكلة التجاوز على الاراضي في منطقة نهله، كحل مثالي يمكن ان يتخذ كمعيار لما يجب ان يتحقق في القضايا الأخرى، ولكن ما يحصل الان لا يعتبر فقط استهزاء بالحكومة والقانون، بل رفع رايه ان القوة هي الحاسمة وهي التي تفرض إرادتها رغم الحكومة والأمم المتحدة. فبقيام هؤلاء الاشخاص بفرض ارادتهم رغم القول الفصل للقضاء، يعني ان حلم الدولة وحتى الإقليم يكادان يطيران، فالإقليم الذي لاي مكنه ان يحقق العدالة في قضية صغيرة، وهي احقاق حقوق مواطنين في ارضهم الموروثة، كيف له ان يدير ميزانيات ويحدد الاوليات والاهم يحقق العدالة.
ان ما حدث في العراق وسوريا وليبيا وما يحدث في اليمن، من تحول بلدان غنية او يمكن القول يمكنها الاكتفاء الذاتي إلى بلدان فقيرة وفي اسفل قوائم الدول التي لا يمكنها توفير مستلزمات العيش لابنأها، كان يجب ان يكون رسالة قوية لحكومة الاقليم لكي تقيم دولة القانون والعدالة، لان اهم ما ادى إلى الواقع القائم في هذه الدول هو غياب العدالة والقانون. وعندما تغيب العدالة والقانون، فلا لوم على المواطنين للتعامل مع أي طرف يوعدها بما تفتقده.
من مظاهر الفساد التي شاعت في العراق والإقليم، يكاد المرء يؤمن ان احد اهم شئ مفتقد لدى الفئات الحاكمة هو روح المواطنة. او روح الانتماء إلى هذه البقعة. فالسرقات كانت على المكشوف، ونظرة واحدة على كشوفات من تم تسجيلهم على انهم من ضحايا النظام وانهم عانوا بسبب معارضتهم له او لانهم كانوا في المعارضة المسلحة، تكفي لكشف الكثير من المسروقات التي تم السكوت عنها، لاسكات المعارضين او الطامحين الاخرين للسلطة. وما ذكرته هو غيض من فيض، ما حدث ويحدث من السرقة العلنية والتي تثبت روح عدم الانتماء للوطن وللارض.
يعيش شعبينا الأشوري والكوردي على هذه البقعة، ولا نريد فتح صفحات والام التاريخ، لاننا نؤمن ان الجغرافية قد جمعتنا وعلينا ان نعيش سويا، وان نتقاسم الافراح الاتراح. ولكن ليكون التقاسم عادلا علينا ان نشارك في القرار سوية. فحديثا ومنذ عام 1961 وليس قبله، قام الكورد بثورة ايلول، ورغم عدم استشارة شعبنا في القرار، كان شعبنا مشاركا وداعما، وقد خسر جراء ما حدث المئات من القرى بكل ما فيها من الثروات الحيوانية والممتلكات الأخرى ونزح إلى المدن وهو لا يملك الا ما عليه من ملبس. وعندما حان وقت القطاف عام 1970 ورغم كل امالنا بتحقق المساواة والعدالة، كان الجني فقط للاخوة الكورد، فالاشوريين لم يحصدوا شيئا يذكر. ويتكرر الامر مرة تلوة الاخرى، واخرها كان عام 1991، فرغم المشاركة الأشورية في دعم السلطات القائمة، الا انه تم تهميش هذه المشاركة، وكان القرار يطبخ في المكتبين السياسيين للبارتي واليكتي. وخلال هذه الفترة تم تسجيل الكثير من التجاوزات الفردية وحتى الحكومية على ممتلكات شعبنا، دون ان يتم تحقيق العدالة لهم، فهناك الكثير من أراض شعبنا قامت الحكومة بالاستيلاء عليها وانجاز مشاريع عليها دون ان تقدم ما يستحقه اصحابها. في سابقة خطيرة وهي ان اصحابها ممن لا حول ولا قوة لديهم. وفي خطوة لتكريس عامل القوة في الحسم بين الناس.
ان العالم ينظر للدول بمنظار كيف تتعامل مع مواطنيها، فالاتحاد السوفياتي وبكل جبروته وقوته واسلحته النووية، انهار لانه لم يحترم مواطنيه. واليوم وانتم ياحكومة الإقليم وانتم تتركون يد القوة الغاشمة، اليد المسنودة عشائريا وحزبيا، بان تقوم بما تريد بدون حساب او مراقبة، فانتم ترسلون عين الرسالة التي ارسلها الاتحاد السوفياتي وصدام والاسد والقذافي للعالم، انه لا يهمكم امر مواطنيكم سواء ان تحققت العدالة لهم ام لا. ولتدركوا ان ما ستنتظركم هو عين النتائج التي تلقاها من ذكرناه.